المسؤولية القانونية لمدربي المخيمات
إزاء سلامة الطفل
تقديم:
مصدر المسؤولية في بعدها الإنساني يعود إلى العهد الأول لوجود الإنسان على سطح الأرض، حيث حمله الخالق إياها بعد أن بين له عدم قدرة السماوات والأرض تحملها، فالإنسان خليفة الله في أرضه ومسؤولية الكائن الإنساني في الحياة تحتوي على ثلاث مسؤوليات، مسؤولية نحو الخالق، ومسؤوليته نحو نفسه، ومسؤوليته نحو الكون الذي حمله الله تعالى إليه.
المسؤولية القانونية
إننا نحدد في هذا العرض المسؤولية القانونية للمدرب وليس مسؤولية المدرب فحسب، لأن مسؤوليات المدرب عديدة داخل المخيم، أما المسؤولية القانونية فهي الأساس بحكم أهميتها.
مما جاء في الفصل 85 مكرر (من قانون الالتزامات والعقود المغربي والذي جاء به ظهير 04 مايو 1942، والمستقى من القانون الفرنسي): يسأل المعلمون وموظفو الشبيبة والرياضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم.
من خلال تاريخ صدوره في فترة الحماية، ندرك أنه آنذاك، كان المعلمون وموظفو الشبيبة والرياضة، هم المخول لهم قانونيا تأطير الأطفال والشباب سواء داخل المدارس بالنسبة للأساتذة أوداخل المخيمات بالنسبة لموظفي الشبيبة والرياضة. والتي كان لا يستفيد منها آنذاك إلا أبناء المعمرين وبعض اليهود وأبناء الأعيان المغاربة،. لكننا اليوم نلاحظ أن تأطير هذه المخيمات هو من طرف أشخاص لا يدخلون ضمن من يسري عليهم الفصلان 77 و 78 من قانون الالتزامات والعقود بالنسبة إلى المسؤولية المدنية لهؤلاء والتي تنقسم بدورها إلى عقدية وتقصيرية، الأولى تنشأ عن الإخلال بالتزام عقدي وتترتب المسؤولية التقصيرية عن الإخلال بالتزام قانوني عن فعل ضار بالغير.
قراءة في الفصل 85 مكرر:
بما أن هناك بعضا من رجال التعليم يؤطرون مخيمات صيفية، وكذلك هناك موظفو قطاع الشبيبة والرياضة، فإن الفصل 85 مكرر،بسري على هؤلاء وتكمن المسؤولية لدى هؤلاء في:
يسألونك عن أي ضرر يلحق الأطفال خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت إمرتكم (أي فترة التخييم كلها) وتزول بمغادرة الطفل للمخيم.
حلول مسؤولية الدولة محل مسؤولية الموظفين المعنيين، فلا تجوز مقاضاة الموظفين أمام المحاكم المدنية، (هنا بمكن التفريق بينهم وبين باقي المدربين)؛
ترفع دعوى المسؤولية من طرف المتضرر أو أقاربه ضد الدولة باعتبارها مسؤولة عن الضرر أمام محكمة قاضي الصلح (دائرة مكان حدوث الضرر).
يتم التقادم بالنسبة لطلب التعويض عن الأضرار المنصوص عليها في هذا الفصل، بمضي ثلاث سنوات تبدأ من يوم ارتكاب الفعل الضار.
إذن فمسؤولية المعلم وموظف الشبيبة والرياضة، لا يفترض فيها الخطأ. وفي حالة وقوعه، يجب على المتضرر إقامة الدليل، وفي حالة إثباته فإنه لا يجوز أن يرفع دعوى التعويض مباشرة، بل يرفعها ضد الدولة (الإدارة) التي تسنده ثم تعود للموظف لاسترداد ما دفعته من تعويضات للضحية.
الفصلان 77 و 78:
(مدرب خارج إطار ي معلم أو موظف بالشبيبة والرياضة)
ينص الفصل 77 من قانون العقود والالتزامات على أن كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار من غير أن يسمح له به القانون، وأحدث به ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بالتعويض. أما الفصل 78، فينص على أن كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه لا بفعله فقط، ولكن بخطئه أيضا وكان ثابتا. والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله، أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر.
والخطأ يحدد في تقاعس أو تهاون في مراقبة الطفل، مما جعله يلحق ضررا بنفسه أو بغيره. أما الضرر، فهو كل ما يمكن أن يصيب الطفل أو يتسبب فيه، إذن لكي تثبت مسؤولية المدرب التقصيرية يجب أن يكون هناك خطأ وضرر وعلاقة بينهما، وإذا انتفى أي ركن من هذه الأركان الثلاثة تسقط دعوى التعويض.
المسؤولية الجنائية:
لحماية الطفل، خص القانون الجنائي المغربي مجموعة فصول حيث كان صارما في أغلبها. وقد تصل العقوبة فيها إلى السجن المؤبد. وباعتبار المسؤولية الجنائية أكثر المسؤوليات صرامة للإنسان، فإن إدراجها في مسؤولية المدرب إزاء سلامة الطفل لا تناقش. فالمسؤولية الجنائية هي التزام شخص بتحمل نتائج أفعاله المجرمة، ولا تقوم على المدرب إلا إذا أقدم على ارتكاب خطإ جنائي، كما أن المشرع المغربي لم يحدد صفة الجاني، بل ترك القاعدة تسري على مرتكب الجرم في حق طفل أينما وجد، سواء داخل المخيم أو خارجه. وبذلك سنعطي بعض الفصول التي تهم مدربي ومديري المخيمات والتي تحدد بشكل واضح مسؤوليتهم الجنائية.
الفصل | نوع الجرم | العقوبة |
408 | جرح أو ضرب عمد تعمد حرمانه من التغذية مما أضر بصحته. | من 01 إلى 03 سنوات |
409 | إذا نتج عما ذكر في الفصل 408، مرض أو ملازمة الفراش أو عجز يتجاوز 20 يوما وتوفر سبق الإصرار والترصد أو استعمال السلاح. | من 02 إلى 05 سنوات |
410 | إذا نتج عن الضرب والجرح فقد عضو أو بتره أو عمى أو أي عاهة. إذا نتج عن ذلك الموت دون قصد الجاني. | من 10 إلى 20 سنة من 20 إلى 30 سنة |
411 | إذا كان الجاني من أصوله أو له سلطة عليه أو مكلف برعايته (المدرب أو المدير)، فالعقوبات حسب الفصول: الفصل 408 الفصل409 الفصل 410 | من 02 إلى 05 سنوات من 04 إلى 10 سنوات من 20 إلى 30 سنة المؤبد |
483 | إخلال بالحياء بالعري المتعمد أو البذاءة في الإشارات أو الأفعال أمام القاصر. | من شهر واحد إلى سنتين وغرامة مالية من 120 إلى 500 درهم. |
487 | هتك العرض والاغتصاب | بين 05 و30 سنة |
من خلال هذه الفصول، يتضح مدى جسامة المسؤولية الملقاة على عاتق المربين الذين يقومون على رعايتهم، وما نحن هنا إلا للتنبيه قصد توخي الحيطة والحذر في التعامل مع الأطفال واليافعين.
ما يجب فعله في حالة تعرض طفل لحادثة وهو بالمخيم:
بما أن المخيم يعتبر عالما مصغرا، فإن كل شئ يمكن حدوثه، وفي حالة وقوع حادث ما لطفل داخل المخيم أو خارجه، فما على المدرب المكلف بالطفل وكذا رئيس الجماعة ومدير المخيم، إلا تهيئ الوثائق الواجب توفرها، كما يجب عليهم أن يكونوا ملمين بملف الحادثة وطريقة صياغة تقرير مفصل عنها يشمل اسم الطفل ولقبه وعنوانه وسنه وفرقته واسم مدربه ونوع الإصابة ومكان وسبب حدوثها، وأسماء الشهود مع رسم بياني للحادثة. ويوقع في الختام من طرف المدرب والشهود وجميع أطراف الحادث.
وثائق ملف الحادثة:
· مطبوع خاص بالتصريح عن حادث في سبع (07) نسخ؛
· تقرير المدرب في سبع (07) نسخ؛
· ورقة سفر الجماعة التي بها المصاب في سبع (07) نسخ؛
· البرنامج العام في سبع (07) نسخ؛
· لائحة الفرقة في سبع (07) نسخ؛
· لائحة الحاضرين في سبع (07) نسخ؛
· وصل التأمين (ضرورة تأمن المصاب) في سبع (07) نسخ؛
· شهادة طبية والفحص المضاد (لدى دخول المخيم) في سبع (07) نسخ؛
· شهادة طبية بعد فحص المصاب محددة نسبة العجز في سبع (07) نسخ.
ملاحظة هامة:
يتحمل مدبر المخيم المسؤولية مباشرة في حالة عدم توفر المدرب على الشروط المنصوص عليها قانونيا لتحمل مهمة مدرب بالمخيمات، وهي:
· بلوغ المدرب ثمانية عشرة (18) سنة؛
· مستواه الدراسي: السنة الثالثة من التعليم الثانوي التأهيلي على الأقل؛
· حصوله على دبلوم مدرب أو إحدى مراحله الأولى (التحضيري أو التكويني).
9- نموذج تقرير عن وقوع حادثة:
اسم المتضرر | سنه | جنسه | مسجل تحت رقم | اسم فرقته | اسم مدربه |
عنوانه الكامل | عنوان ولي أمره | الهاتف |
نوع الضرر | |
أعراض أخرى | |
تفاصيل الحادث | |
رسم بياني |
أسماء الشهود | عناوينهم | رقم بطائق تعريفهم الوطنية | التوقيع |
خلاصة:
إتضحت لنا جليا أهمية المسؤوليات القانونينة للمدرب وللمدير على حد سواء، أثناء رعايتهم للأطفال واليافعين داخل مخيماتنا الصيفية، حيث نستخلص مما سبق أن المسؤولية القانونينة تنقسم إلى قسمين:
· الأولى مدنية تقصيرية ( حيث استثنينا المسؤولية العقدية إلى حين شيوع ثقافة العقد شريعة المتعاقدين)؛
· والثانية، وهي الأخطر، جنائية.
فالفصل 85 مكرر، من قانون الالتزامات والعقود، لا يهم سوى المعلمين وموظفي الشبيبة والرياضة الذين يرعون الأطفال داخل المخيمات، بينما نجد الفصلين 77 و 78 من من نفس القانون، يهم إلى درجة كبيرة، فئة المدربين والمديرين الذين يسري عليهم الفصل 85 مكرر.
أما القانون الجنائي، فهو يسري على جميع المتدخلين في أنشطة الشباب والطفولة، سواء كانوا موظفين أم غير ذلك.
فلا أحد يعذر بجهله للقانون