الدور القيادي للمدير التربوي في المخيم
بقلم: ذ. محمد ناعم
ـ بعد ان استعرضنا في التدوينات السابقة الدور الإداري لمدير المخيم وأهم العمليات الإدارية اليومية والأساسية في هذا الدور وهي:
1ـ التخطيط ؛
2ـ التنظيم ؛
3ـ التنسيق ؛
نتناول في هذه التدوينة الدور القيادي للمدير التربوي في المخيم، والنمط القيادي الذي يجب إن يستحضره منهجيا وعمليا في إدارة وتدبير الحياة اليومية، وقيادة مواردها البشرية، وتيسير التواصل بينها، وبناء فريق عمل حيوي متماسك ومنسجم، قادر على التكيف مع ظروف وسياقات العيش الجماعي الذي يفترض أن يتعاون فيه الجميع لتحقيق أهداف المشروع البيداغوجي للمخيم ومضامينه التربوية والاجتماعية والصحية والتنشيطية، والعمل كذلك على تجاوز الصراعات والنزاعات التي عادة ما تحصل، ويمكن النظر إليها كإفراز طبيعي للتدافع والاحتكاك اليومي، ونتيجة لضغوط العمل المتواصل ليلا ونهارا وطيلة مرحلة تخييمية كاملة وربما تعقبها مراحل اخرى بنفس الايقاع والوتيرة .
وعلى هذا الأساس يمكن لنا أن نتساءل:
ـ ما هي القيادة ؟
وما المقصود بالدور القيادي للمدير التربوي في المخيم؟
ـ وما النمط القيادي المناسب في إدارة وتدبير الحياة اليومية في مخيم مدته 12 يوما أو يزيد عنها بقليل؟
تعريف القيادة:
تعددت تعريفات القيادة بتعدد الباحثين والمتخصصين في مجالات السلوك التنظيمي ومن هذه التعريفات:
ـ القدرة على توجيه سلوك الأفراد في موقف معين، إذ تقوم في جوهرها على التفاعل الذي يتم بين القائد وأفراد الجماعة.
ـ النشاط الذي يمارسه الشخص للتأثير في الناس وجعلهم يتعاونون لتحقيق بعض الأهداف التي يرغبون في تحقيقها.
ـ العملية التي تتم عن طريقها إثارة اهتمام الآخرين، وإطلاق طاقاتهم، وتوجيهها في الاتجاه المرغوب.
ـ عملية إنجاز عمل ما عن طريق التأكد من أن الأفراد يعملون معا بطريقة جيدة، وأن كل فرد منهم يؤدي دوره بكفاءة عالية.
ـ مجموعة سلوكيات أو تصرفات معينة تتوافر في شخص ما، ويقصد من ورائها حث الأفراد على التعاون من أجل تحقيق أهداف محددة للعمل.
ـ قيادة القوى العاملة في العملية التربوية، وتحسين التفاعل الاجتماعي بين أفرادها بطريقة مؤثرة تحقق تعاونهم، ورفع مستوى أدائهم إلى أقصى حد ممكن، مع المحافظة على بناء الجماعة وتماسكها.
ويلاحظ من هذه التعريفات التي أوردناها أن القيادة عملية تفاعل القائد ومجموعة من الأفراد وممارسة تأثيره عليهم في مواقف معينة، ومن خلال علاقات إنسانية وذلك من أجل تحقيق أهداف محددة .
ـ الدور القيادي للمدير التربوي في المخيم:
يقصد بالدور القيادي للمدير التربوي في المخيم، توجيه وإرشاد وتحفيز أعضاء فريق العمل التربوي والإداري في اتجاه تحقيق الأهداف، وتعزيز القيم، وتنمية المهارات المخطط لها في المشروع البيداغوجي، والمعلن عنها في مرجعيات وأهداف البرنامج الوطني "عطلة للجميع".
ـ أنماط القيادة في المخيمات:
النمط القيادي للمدير التربوي في المخيم، يعني الطريقة التي يستخدمها القائد في ممارسة الصلاحيات الممنوحة له كمدير في قيادة الآخرين (فريق العمل الإداري والتربوي والعملة),
ومن صور أنماط القيادة التي يستخدمها بعض المدراء في المخيمات:
ـ نمط القائد المستبد:
وهو مدير المخيم الذي لديه قدر قليل من الثقة في قدرات أعضاء فريقه، وهو غالبا ما يصدر الأوامر ليقوموا بتنفيذها دون مناقشة، ويعتقد أن نظام المكافئات (الثواب المادي) هو وحده الذي يحفز الناس للعمل.
ـ نمط القائد المستبد الطيب:
هذا النوع من المديرين يعطي انطباعا على أنه ديمقراطي، فهو ينصت بعناية لما يقوله أعضاء فريقه، إلا أنه دائما يتخذ قراراته بشكل فردي .
ـ نمط القائد الديمقراطي:
هو المدير الذي يشرك الجميع بما فيهم الأطفال والناشئين/ان في اتخاذ القرارات ويشرح لهم الأسباب الموجبة لهذه القرارات ويعبر عن آرائه نحو العمل والآخرين بموضوعية وحيادية.
ـ نمط القائد المتساهل:
ثقة هذا المدير في قدراته القيادية ضعيفة، كما أنه لا يقوم بتحديد أي أهداف لأعضاء فريق العمل معه، وفي غالب الأحيان قليل الاتصال والتفاعل معهم، متردد دائما في اتخاذ إجراءات وقرارات لتنظيم أو تعدل مسارات العمل.
وتبعا لما سبق عرضه، وحتى وإن كان الأسلوب الديمقراطي التشاركي في القيادة هو الذي يبدو مطلوبا وإيجابيا، على اعتباره أكثر هذه الأنماط القيادية فعالية وإنتاجية، وأقربها في ترسيخ الشعور بالمسؤولية الجماعية في الإدارة، فإن الأمر يختلف في قيادة مخيم مدته 12 يوما أو أكثر ، وبإيقاع زمني سريع، بالإضافة إلى ما تفرزه الحياة اليومية من صعوبات في بعض الحالات والمواقف نتيجة تفاعلات العلاقات والمكونات والموارد المختلفة في المخيم، الأمر الذي يستوجب من مدير المخيم إدراك العوامل المؤثرة أولا في هذه الحالات والمواقف، ومن ثم اختيار نمط القيادة المناسب لكل موقف، وهو ما يعرف بالنمط القيادي الموقفي (أو القيادة وفق السياق).
ـ النمط القيادي الموقفي (القيادة وفق السياق) في تدبير الحياة اليومية في المخيم:
النمط القيادي الموقفي هو النمط الذي طوره كل من Blanchard و Hersey ، وهو قدرة المدير التربوي على التكيف في تدبير الحياة اليومية في المخيم، وقيادة فريق العمل باستخدام نمط قيادي يساعده في الانتقال من أسلوب في القيادة إلى آخر لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمخيم وللعاملين فيه والمستفيدين من خدماته وبرامجه وأنشطته. وهذا يعتمد أن تكون لدى المدير التربوي:
ـ القدرة على فهم احتياجات أعضاء فريق العمل واحتياجات الأطفال والناشئين/ات، ثم العمل على ضبط أسلوب إدارته لتلبية تلك الاحتياجات .
ـ القدرة على الانتقال بسلاسة من نمط قيادة إلى آخر.
ـ ثقة المدير التربوي (القائد) في نفسه وقدراته، وكسب ثقة وولاء أعضاء فريق العمل,
ـ الدراية بطرق وأدوات حل المشكلات بشكل مناسب للظرف والموقف والسياق.
وفي التدوينة القادمة سنتطرق إن شاء الله لأبعاد القيادة بالموقف في المخيمات التربوية.