ما هي مساهمة الحركة الكشفية المغربية في إنجاح برنامج فرصة؟
بقلم الأستاذ شكيب الرغاي إطار وطني وخبير في الحركة الكشفية المغربية
أطلقت الحكومة مؤخرا برنامجا طموحا ومبتكرا تحت اسم "فرصة" تستهدف منه مواكبة 10000 شاب تزيد أعمارهم عن 18 عاما، من حاملي الأفكار والمشاريع المقاولاتية، واضعة بين أعينها تدليل الصعوبات والعراقيل التي تواجه الشباب وتحد من وصولهم لمصادر التمويل، مؤكدة على محاصرتها والقضاء عليها، وتشجيع الشباب على كيفية مواجهتها كي تعرف المقاولات الصغيرة النور، وخصص لهذا البرنامج غلاف مالي يصل إلى 1.25 مليار درهم لعام 2022.
وفي هذا السياق ومن واجب الحركة الكشفية بحكم تواصلها المستمر بالشباب، وتؤطرهم في العديد من البرامج والأنشطة، يحتم عليها أن تنخرط بإيجابية في هذا البرنامج الحكومي، الذي يهدف تشجيع الشباب على ولوج العمل، من أجل رفع درجة الاهتمام بهذا المجال أكثر، والعمل على ادماج أنشطة الاستثمار ضمن الأنشطة الكشفية، وخلق أنشطة تفاعلية لتحفيز الشباب على الانخراط في الفكر المقاولاتي، وتشجيع أفكارهم ومشاريعهم، وتدليل الصعوبات التي تواجههم، وإرشادهم وتوجيههم للرقي بأحلامهم والتمسك بها، لوضعها في مسار السكة الصحيحة، عبر جعل الأندية ودور الشباب فضاءات لتداول المعلومات التي يحتاجها الشباب المقاول، ويشجعهم على طرح أسئلتهم وتخوفاتهم بطريقتهم الخاصة.
يعد البرنامج الكشفي رافعة قوية تعد الأفراد لبناء رؤية مستقبلية واضحة، تتلاءم لحد بعيد مع برنامج فرصة، لكونها تتعامل مع فئة عمرية تعتبر بالجسر الذي يعبر به الشباب نحو الآفاق الواعدة، لكونها مرحلة عمرية تخلق الارتباط بمبادئ وأهداف الكشفية نوع من التوازن بين اهتمامات الشباب الآنية وبين طموحاتهم الدراسية المستقبلية، وعليها أن تقدم عرضها التربوي التكميلي للمساهمة في إنجاح البرنامج.
يمد البرنامج الكشفي الشباب بشحنة من الحماس لتطوير الذات وتطوير المجتمع، ويعطيه فرصة لخدمة وتطوير محيطه الاجتماعي والبيئي، والاهتمام بقضاياه وربط أحلامه بأرضه عوض التفكير في التخلي عليها ومتابعة أوهام الهجرة، وتعتبر هذه الأنشطة والبرامج آلية فعالة في ربط الشباب بأرضهم واستقرارهم فيها، واختيار مجالات تكوينية في المجالات التي تهم الأرض وما تزخر به من خيرات، عبر خلق فرص للتفكير في إنشاء مقاولات وتعاونيات وشركات صغيرة ومتوسطة ترقى بمنتوج الأرض وبأهلها في تناغم وتوازن.
وبما أن التربية الكشفية تسعى الإدماج ضمن المنظومة التربوية للمجتمع، والمساهمة في تنمية الشباب والوصول بهم للاستفادة التامة لقدراتهم البدنية والعقلية والاجتماعية والروحية كأفراد وكمواطنين مسؤولين وكأعضاء في مجتمعاتهم المحلية والوطنية والعالمية، لكون قضايا التربية وإعداد الانسان لا تقبل الانتظار، وفي هذا الصدد قال الملك محمد السادس نصره الله:» ومن جهتنا، فقد سعينا، من خلال المبادرات والإصلاحات التي أطلقناها، هذه السنة، لوضع بعض اللبنات، ورسم بعض التوجهات، واعتماد نفس جديد، لا سيما بالتركيز على القضايا المستعجلة التي لا تقبل الانتظار، والتي تعد موضوع إجماع وطني، كالتربية والتكوين، والتشغيل وقضايا الشباب، ومسألة الدعم والحماية الاجتماعية".
أكدت لنا التجارب السابقة أن التفاعل الأول مع أي برنامج في مجال المقاولات الصغرى والتعامل معه، يعرف عادة البطء في التجاوب، ويمكن أن يؤدي لعدم الاهتمام أو التراخي في الفهم الصحيح، وهذا ما يستدعي معه تعامل خاص مع الشباب المستهدف من المشروع، والاستفادة من شبكات التواصل الدائمة والمستمرة التي تستعملها الحركة الكشفية مع منخرطيها ومع محيطها الاجتماعي، باستعمال آليات التأطير الكشفي المباشر المهيكلة للمراحل العمرية، والاستفادة من شبكة انتشار فروعها على المستوى الوطني والجهوي والإقليمي، وتوجيهها وملاءمتها مع خصوصيات برنامج فرصة لزيادة تنمية مهارات الشباب في مجال المقاولات الصغيرة، وجعل المناخ العلائقي الكشفي والتربوي فضاء لتحفيزهم على الابداع وعلى ابتكار حلول وأفكار جديدة. وخلق بينهم بنك للمعلومات المقولاتية.
يعتبر هذا البرنامج الطموح فرصة حقيقية للشباب المغربي، الذي لا يتوفر على إمكانيات مالية، والميزة الهامة أن البرنامج يجمع بين التمويل والمواكبة، والنقطة الثانية هي أهم نقطة التي يعاني منها المقاولون الشباب وهي المواكبة والدعم، ورغم ذلك يبقى التحفيز الأول لولوج عالم المقاولات والقضاء على الخوف خطوة مهمة جدا، لاكتساب الجرأة والثقة لاستيعاب فكرة الاستثمار والبحث عن تكوين المقاولة، فأغلبهم يتخوف حتى التفكير في الموضوع، ولا يعرف من أين تكون البداية، رغم التسهيلات التي قدمت من طرف أجهزة الحكومة.
تكون البدايات صعبة بالخصوص للشباب الذين يعانون من تخوف من البرنامج، فيمكن أن يكون دور الحركة الكشفية موجها في مساعدة الشباب في كيفية تعبئة طلب تقديم عروض المشاريع على المنصة الرقمية، والتشجيع على تجميع المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمشاريع، وخلق خلايا ومجموعات للتواصل مع المكاتب الخاصة بالمشروع.
ما يمكن فعله هو التعريف بالبرنامج، وتعميم المعلومات المتعلقة به، والتواصل مع الجهات المختصة، لتقريب أهداف البرنامج من ذهن الشباب، وتداول مضامينه بشكل موسع، عبر تكوين مجموعات لولوج هذا الميدان ولو على سبيل الاستئناس والاكتشاف، والعمل على مواكبتهم مواكبة إضافية للمواكبة التي حددتها الدولة باعتبارها الآلية الرسمية، وتقديم المساعدة بشكل جماعي للمرشحين في كيفية بناء المشروع، وتحديد مجالات الشغل، وخلق مناخ للتكامل والتعاون بينهم لانتقاء المشاريع القابلة للإنجاز.
على الحركة الكشفية بحكم موقعها المتميز ضمن مكونات المجتمع المدني، وعلاقتها المتينة مع الشباب، ان تفتح مجالا للتعاون مع الجهة التي خولت لها الحكومة قيادة هذا البرنامج وهي الشركة المغربية للهندسة السياحية، للتنسيق معها، وإعداد المرشحين وتعبئتهم لاستيعاب التكوين المخصص للمشاريع المنتقاة، وكيفية الحصول على المساعدة من مكاتب فرصة ومركز العلاقات مع المقاولين الشباب المفتوحة بكل جهات المملكة، والمساهمة معها في تنفيذ نظام الحكامة المحدد للبرنامج.