تأتي هذه المساهمة من أجل تسليط الضوء على أهمية ودور المختص الاجتماعي المدرسي في الحياة المدرسية، وذلك لما له من أهمية في تشخيص وعلاج مختلف الظواهر والسلوكات السلبية التي تؤثر على مكونات الحياة المدرسية، وفي مقدمتهم التلاميذ باعتبارهم جوهر عملية التمدرس.
وقدم تم الوقوف في هذه المساهمة عند التجربة الجديدة التي عرفتها المدرسة المغربية بتوظيف أطر للدعم الاجتماعي، وهي تجربة جنينية جاءت بعد عدة دعوات ومرافعات لتعيين مختصين اجتماعيين ونفسيين بالوسط المدرسي، وذلك بسبب استفحال الكثير من الظواهر التي عرفتها الحياة المدرسية المغربية، كالهدر المدرسي والعنف بين التلاميذ وتجاه هيئة التدريس والإدارة بالإضافة إلى انتشار المخدرات والسرقات في صفوف التلاميذ… إلخ.
وقد شهدت المدرسة المغربية إلى حدود الآن تعيين دفعتين من أطر الدعم الاجتماعي سنتي 2020 و2021، ضمن أربعة آلاف منصب وزعت بينهم وبين أطر أخرى للدعم التربوي والدعم الإداري. وتم الخلوص إجرائيا إلى أن إطار الدعم الاجتماعي المدرسي هو إطار تم إحداثه من طرف وزارة التربية الوطنية بالمغرب للقيام بمهام الدعم النفسي والاجتماعي والصحي للتلاميذ، وهي مهام يحددها بالتفصيل المرسوم رقم 854-02-2 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية ومهام أطر الدعم
وخلصت الدراسة إلى أن هناك جملة من المشاكل ما زالت تعترض أطر الدعم الاجتماعي المدرسي في ممارسة مهامهم كما ينبغي من بينها:
– ضبابية وعدم وضوح الرؤية لمهام أطر الدعم الاجتماعي بالنسبة لهيئة التدريس والإدارة المدرسية.
غياب التحسيس والتوضيح لمهام أطر الدعم الاجتماعي المدرسي من طرف الوزارة المعنية بخصوص الأدوار التي يضطلع بها المختص الاجتماعي المدرسي.
سيادة تمثل حول أطر الدعم الاجتماعي المدرسي في بعض الأدوار الثانوية كمساعد للإدارة.
– غياب بنية تحتية وفضاءات خاصة لأطر الدعم الاجتماعي كمكاتب وأدوات للاشتغال وقاعات للقيام بجلسات الاستماع والانصات.
– صعوبة تغطية إطار دعم اجتماعي واحد لعدد كبير من التلاميذ مما يتطلب الزيادة في عدد الملحقين الاجتماعيين وفق نسبة تمثيلية معقولة.
– عدم إتاحة وقت كاف للأنشطة المدرسية الثقافية والتربوية.
– انعدام تكافؤ الفرص حينما لا تستطيع الأسر الهشة تغطية تكاليف دروس الدعم.
وتوصلت الدراسة إلى أنه رغم هذه المثبطات التي تقف في طريق إطار الدعم الاجتماعي المدرسي إلا أنه يبذل مجموعة من الجهود لإبراز ذاته والتعريف بمهمته وأدواره ومن بين ذلك ما يلي:
– التركيز على الجانب الكيفي والنوعي في التعامل مع المشكلات المدرسية من خلال ترتيب الأولويات والحالات التي تحتاج للتدخل العاجل وذلك لتغطية النقص الحاصل في قلة تغطية فئة كبيرة من التلاميذ في أفق تعيين أطر اجتماعية كافية.
– العمل على خلق نواد للتتبع والمواكبة النفسية والاجتماعية للتلاميذ.
– القيام بحملات تحسيسية وتعريفية بمهام وأدوار المختص الاجتماعي لفئتي الإدارة والمدرسين.
– تعزيز وتطوير الشركات مع مختلف المتدخلين في الشأن التعليمي كجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والجمعيات الرياضية وجمعيات المجتمع المدني والجماعات المحلية.
– تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للتلاميذ بما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم ينسجمون بشكل طبيعي في الحياة المدرسية.
– العمل على تغطية النقص الحاصل لدى بعض التلاميذ المتعثرين والمتأخرين دراسيا من خلال خلق مبادرات مع هيئة التدريس للدعم الدراسي.
وتبين من خلال الدراسة أن للخدمة الاجتماعية المدرسية أهمية بالغة تكمن في مساعدة المدرسة على تحقيق وظائفها الاجتماعية، باعتبارها وسيلة هامة تساعد على البناء والنماء من خلال الربط بين المدرسة ومحيطها بما بعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
مقدمة:
عرفت المدرسة المغربية العديد من المشكلات الاجتماعية والتربوية والبنيوية، كالهدر المدرسي والشغب واستهلاك المخدرات وسوء التدبير الإداري، مما تطلب تشخيص واقع الحياة المدرسية بالمغرب والتدخل من أجل إيجاد حلول لمختلف المشكلات التي تعرفها المدرسة المغربية، ولهذا كان لزاما على المتدخلين في القطاع فتح المجال أمام عدة تخصصات علمية أو علم- مهنية لتشخيص وعلاج هاته المشكلات، ومن أبرز هذه التخصصات علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية والمساعدة الاجتماعية.
لهذا فتحت الوزارة المعنية المجال أمام الملحقين الاجتماعيين باعتبارهم المعنيين بالتخصصات السالفة الذكر من أجل تفعيل المساعدة والمواكبة الاجتماعية داخل الوسط المدرسي، وخاصة بالنسبة للتلاميذ. بحيث كان أول فوج متخرج سنة 2020 أي تاريخ فتح المباراة لأول مرة في وجه الملحقين الاجتماعيين، وفي سنة 2021 كانت مباراة الفوج الثاني.
أمام هذه التجربة الجديدة داخل المؤسسات المدرسية، وسؤال المهام الموكولة للملحقين الاجتماعيين، ستعرف هذه التجربة عدة صعوبات وعراقيل فيما يتعلق بتوصيف المهام وتحديد الاختصاصات الخاصة بالملحق الاجتماعي المدرسي وتبيان أوجه الاستقلال والتداخل مع الوظائف الأخرى الموكولة لهيئة الإدارة والتدريس والملحقين الإداريين والتربويين. بحيث سيجد الكثير من الملحقين الاجتماعين أنفسهم أمام مهام وكلت لهم بعيدة عن مجال تخصصهم، فمنهم من أسندت لهم مهام إدارية او تدبيرية أو تنظيمية، مما حال دون إيجاد بيئة مناسبة للتقعيد المهني لحرفة المساعدة الاجتماعية بما تستلزمه من شروط ذاتية وموضوعية، فالأولى مرتبطة بذات المختص الاجتماعي داخل المؤسسات المدرسية ومدى تمكنه من آليات وفلسفة الاشتغال والثانية متعلقة بالمناخ الإداري ومدى استيعابه لدور المختص الاجتماعي ودعمه لممارسة مهامه. فإلى أي حد استطاع المختص الاجتماعي داخل الوسط المدرسي استيعاب أدواره ومهامه؟ وما هي المشكلات التي يواجهها في ممارسة مهامه؟
ويمكن التفصيل في هذه الإشكالية من خلال التساؤلات الفرعية التالية:
ماهية الملحق أو المختص الاجتماعي؟
– ما هي مهام وأدوار المختص الاجتماعي؟
– ما علاقة المختص الاجتماعي بالحياة المدرسية؟
– كيف يقدم المختص الاجتماعي نفسه في الوسط المدرسي؟
– ما هي مظاهر المساعدة الاجتماعية التي يقدمها المختص الاجتماعي داخل المدرسة؟
تم الاعتماد على مجموعة من المؤشرات لمقاربة ومعالجة الإشكالية المطروحة وتساؤلاتها الفرعية وهذه المؤشرات هي:
تخصصات الملحقين الاجتماعيين.
مهام الملحقين الاجتماعيين.
– تدخلات الملحقين الاجتماعيين.
– العوائق والمثبطات التي تحول دون أداء الملحقين الاجتماعيين لأدوارهم.
وللإجابة على إشكالية هذه الدراسة وتساؤلاتها ومؤشراتها يمكن الاعتماد على خطة البحث التالية:
– المبحث الأول: التأطير المفاهيمي والنظري والمنهجي للدراسة:
المطلب الأول: المفاهيم والنظريات الدراسة المرتبطة بالدراسة.
المطلب الثاني: الجانب الميتودولوجي والمنهجي للدراسة.
– المبحث الثاني: مهام الملحق الاجتماعي وطرق تعامله مع المشكلات التي يواجهها.
– المطلب الأول: مهام وأدوار الملحق الاجتماعي.
– المطلب الثاني: المشكلات التي يواجهها الملحق الاجتماعي وطرق تعامله معها.
– استنتاجات وخلاصات.
– خاتمة
المبحث الأول: التأطير المفاهيمي والنظري والمنهجي للدراسة:
يعتبر التأطير المفاهيمي والنظري والمنهجي لأي دراسة علمية من بين أساسيات البحث العلمي، من أجل الإحاطة بالدراسة المراد إنجازها وذلك لما للمفاهيم من أهمية في بناء الموضوع علميا، فالمفهوم يجب أن يتم تحديده علميا حتى لا يكون هناك خلط مع الحس المشترك. أما النظريات والنماذج النظرية فتتجلى أهميتها في وضع الموضوع في سياقه النظري والاهتمام البحثي من أجل استكمال مسيرة التراكم العلمي وتجنب التكرار والعمل على الجدة في الموضوع من أجل استشراف مقاربات جديدة أكثر ملامسة للوقائع الاجتماعية. ويأتي البناء المنهجي والميتودولوجي ليرسم الطريق للباحث لخطة العمل في التفاوض مع الميدان وجمع المعلومات الميدانية وطبيعة التقنيات اللازمة في ذلك. وعليه سيتم تناول مفاهيم ونظريات هذا الدراسة في المطلب الأول، بينما المطلب الثاني سيخصص للجانب الميتودولجي للدراسة.
المطلب الأول: المفاهيم والنظريات المرتبطة بالدراسة
الفقرة الأولى: مفاهيم الدراسة
أولا: الوسط المدرسي
يعتبر الوسط المدرسي مجالا للتربية بامتياز، فالمدرسة ليست مكانـا لإكسـاب التلاميـذ المعرفـة والمعلومات فقط، بل هي مكان لصقل شخصية التلميذ وتزويده بالخبرات الحياتية المختلفة، وتزويده بالقدرات الخاصة لمواجهة الحياة ومشاكلها بشكل إيجابي، ولكي تكون المدرسة قـادرة عـلى أداء دورها يجب أن تكون أولاً مكانا محببا للطلاب والتلاميذ لا مكانا ينتظر التلميذ كل فرصة للابتعاد عنها.
ويمكن للمدرسة من خلال الملاحظات المستمرة للطالب رصد أي تغري في سـلوكه، وبالتـالي اتخـاذ الوسائل والإجـراءات التربويـة اللازمـة لتعـديل هـذا السـلوك في أولـه قبـل أن تتفـاقم المشـكلة. ومـن الإجراءات والوسائل في ذلك، الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية المختلفة وحصص التوجيه الجمعي التي يقوم بها الأخصائيون الاجتماعيون.
أي أن المدرسة هي إحدى منظمات المجتمع الرئيسية التي تقدم الخـدمات التعليميـة التـي يتوقعهـا المجتمع منها. ويتوفر في المدرسة مجموعة من الخصائص المميزة لهـا منهـا عـلى سـبيل المثـال: أهميـة العملية التعليمية التي تقدمها المدرسة، والتي تساهم في إحداث التغيير المطلـوب في المجتمـع، ويستفيد من خدمات المدرسة كل فئـات وشرائـح وأبنـاء المجتمـع، فـالتعليم هـو أحـد الحقـوق الرئيسية لكل إنسان، وفي الغالبية العظمى من الدول سواء المتقدمة أو النامية أو المتخلفة يقـدم هـذا الحق مجانا لجميع أفراد المجتمع دون تمييز أو تفرقة أو عنصرية.
وتعتبر الحياة المدرسية صورة مصغرة للحياة الاجتماعية في أماكن وأوقات مناسبة، وتهتم بالتنشئة الشاملة لشخصية المتعلم بواسطة أنشطة تفاعلية متنوعة تشرف عليها هيئة التدريس والإدارة ويسهم فيها مختلف الشركاء.
ثانيا: المختص الاجتماعي (الملحق الاجتماعي):
يسمى الشخص المهني الذي يمارس مهنة الخدمة الاجتماعية بالأخصائي الاجتماعي (الاختصـاصي الاجتماعي Worker Social (ذلك الشخص الذي تم إعـداده نظريـا وميـدانيا في مجال الخدمة الاجتماعية، ويمثل الأخصائي الاجتماعي في المؤسســة مهنــة الخدمــة الاجتماعية قبــل أن يمثل المؤسســة ذاتها، وولاؤه لها يسبق ولاءه للمؤسسة، ودوره هو تدعيم القيم والمبادئ المهنيـة للخدمـة الاجتماعية في المؤسسة ذاتها. بل عليه أن يقاوم أي تجاهل مقصود أو غير مقصود لهذه القيم إن أدرك ذلك خـلال عمله بالمؤسسة.
ويمكن تعريف الأخصائي الاجتماعي في المجـال المـدرسي بأنـه ذلـك الشـخص الفني والمهنـي الـذي يمارس عمله في المجال المدرسي في ضوء مفهوم الخدمة الاجتماعية، وعلى أساس فلسفتها ملتزما بمبادئها ومعاييرها الأخلاقية، هادفا إلى مساعدة التلاميذ الذين يتعثرون في تعليمهم، ومساعدة المدرسة على تحقيـق أهـدافها التربويـة والتعليميـة والاجتماعية والإنتاجية لإعداد أبنائها للمستقبل كذلك هناك من عرف الأخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي بأنه ذلك الشـخص الفنـي والمهنـي المؤهل ليمارس عمله بالمجال المدرسي، هادفا إلى مساعدة التلاميذ في جميع النواحي ليستطيع التكيـف والتأقلم مع البيئة المدرسية والبيئة المجتمعية المحيطة به.
ويمكن تعريف الملحق الاجتماعي المدرسي إجرائيا بأنه إطار تم إحداثه من طرف وزارة التربية الوطنية بالمغرب للقيام بمهام الدعم النفسي والاجتماعي والصحي للتلاميذ.
ثالثا: المساعدة الاجتماعية المدرسية:
تندرج المساعدة الاجتماعية المدرسية ضمن نطاق الخدمة الاجتماعية كمهنة إنسانية ظهرت حديثا في أواخر القرن العشرين، بحيث تعمل مع المهن الأخرى لإحداث التغيير الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع بما يحقق أهداف هذا المجتمع من تماسك ورعاية وإنتاج وتقدم. ويسمى الشخص المهني الذي يمارس مهنة الخدمة الاجتماعية بالأخصائي الاجتماعي “Worker Social”، ذلك الشخص الذي تلقى تكوينا مختصا في مجال العلوم الاجتماعية والخدمة الاجتماعية.
يمكن تعريف المساعدة الاجتماعية المدرسية بأنها: مختلف الإجراءات الإدارية والتواصلية التي ترمي إلى إعانة التلاميذ على تدبير مشاكلهم الشخصية والعائلية والمدرسية، وهي نوع من التدخل الاجتماعي الذي يقوم على تقديم خدمات يحتاجها التلاميذ، وتعتمد على المعرفة العلمية والمهارات المختلفة في ميدان العلاقات الإنسانية.
رابعا: المشاكل المدرسية:
هناك عدة تعريفات للمشاكل المدرسية من بينها ما ذهب إليه الأستاذ مدحت أبو النصر بحيث أورد مجموعة من التعاريف منها ما يلي:
المشكلة المدرسية هي مجموعة الصعوبات الأكاديمية والسلوكية والاجتماعية التي تعوق الطالـب عن تحصيله الدراسي وتحول دون توافقه الاجتماعي مع زملائه وباقي الأنساق الأخرى بالمدرسة.
المشكلة المدرسية هي الموقف الذي لا تستطيع قدرات الطالب على مواجهته، مـا يعـوق تحصـيله الدراسي بفاعلية مناسبة، والتي تؤثر على حياته الدراسية وحياته العامة.
المشكلة المدرسية هي ظاهرة تتكون من عدة أحداث أو وقائع، متشابكة بعضها ببعض، لفترة من الوقت، ويكتنفها اللبس والغموض، تواجه الفرد ويصـعب حلهـا قبـل معرفـة أسـبابها والظـروف المحيطة بها، وتحليلها للوصول إلى قرار بشأنها.
الفقرة الثانية: نظريات الدراسة:
يعد التطور الذي عرفته العلوم الإنسانية من بين الأسباب وعوامل بروز الخدمة الاجتماعية بمعناها الحديث، بحيث برزت عدة نماذج نظرية منها التي اهتمت بالمداخل الأساسية للمساعدة الاجتماعية وحددت المبادئ الأخلاقية والفنية، ومنها التي تطرقت للمداخل النظرية الخاصة بالمساعدة الاجتماعية وفي ما يلي يمكن ذكر هذين المستويين وفق ما يلي:
أولا: المستوى الأول:
أ- نظرية التقدير (النظرية التشخيصية):
وهي تهتم بكيفية الحصول على البيانات التي تساعد على فهم الناس والمواقف التي يمرون منها والمشاكل التي تواجههم لاستخدام هذه البيانات في عملية المساعدة، وهذه النظرية توضح لنا ما هي المقابلة الأولية التي يمكن التخطيط لها وكيف يمكن إشراك التلميذ الذي لديه مقاومة لكي يتفاعل مع المختص الاجتماعي، وكيف يمكن صياغة المشكلة باعتبارها محور العمل العلاجي، وكيف يمكن تحويل المشكلة إلى أهداف قابلة للإنجاز وأعمال قابلة للأداء.
ب- نظرية التدخل العلاجي:
تهتم بالكيفية التي يستطيع من خلالها المختص الاجتماعي أن يحدث تغييرا في الشخصية والأنساق الاجتماعية والأنساق الإيديولوجية لتحقيق أهداف محددة، كما أن هذه النظرية توضح لنا كيف تؤدى المساعدة وكيف يمكن متابعة ومراقبة تطورها وكيف يمكن تقييم فعاليتها.
ثانيا: المستوى الثاني:
أ- مدخل التدابير الاجتماعية:
وهذا المدخل ينظر إلى الإنسان باعتباره عضوا مواطنا في كيان أكبر وهو المجتمع، ولذلك فإن الموارد والترتيبات يمكن توفيرها من خلال النظم الاجتماعية والأنساق الثقافية الإيكولوجية لمقابلة احتياجات الفردية والجماعية.
ويرى هذا المدخل أن الرفاهية الفردية والمجتمعية ترتبط أساسا بأداء الناس لوظائفهم بصورة نموذجية وتنفيذ مسؤولياتهم الاجتماعية ومهامهم من خلال التنظيمات التي ينتمون إليها، كما يرى أن الناس يواجهون مشكلات إذا كانت هذه البناءات والنظم عاجزة عن أداء دورها وخاصة نظام الرعاية الاجتماعية، وعلى ذلك فإنه يلقى على المجتمع بمسؤولية الاستجابة للمشكلات الانسانية وبصفة خاصة مشكلات الفقراء والمحتاجين.
ب- المدخل التفاعلي Interactional approach:
ينظر إلى الناس على أنهم كائنات اجتماعية وأعضاء متفاعلون في التجمعات الاجتماعية مثل الأسرة والجماعات الصغيرة والتنظيمات، ويرى هذا المدخل أن الناس يواجهون المشكلات والصعوبات عندما يتفاعلون مع آخرين سيئي التكيف، أو عندما يكون مطلوب منهم القيام بأدوار اجتماعية قد لا تتفق مع قدراتهم أو مع المواقف الاجتماعية السائدة أو عندما يكونون غير قادرين على القيام بوظائفهم بسبب عدم تنشئتهم بصورة كافية.
وفي هذا المدخل فإن المختص الاجتماعي يعطي اهتماما خاصا للجماعة أو المظاهر البيئية الصغرى للحالة أو نسق الخدمة، فيقوم بقيادة جماعة العمل والجماعة النقاشية لمساعدة الناس على تحقيق أهدافهم.
ج- مدخل التحليل النفسي Psychonalytic approach:
يركز هذا المدخل على سيكولوجية الذات ونموذج التحليل النفسي الذي ينظر إلى الأفراد على أنهم شخصيات فردية سيكولوجيا وتمارس دورها وفقا لبناء الشخصية النفس-عقل: الأنا – الأنا الأعلى (الضمير المثالي).
ووفقا لهذا المدخل فإن حاجات الفرد ودوافعه يتم إشباعها من خلال الميكانيزمات الدفاعية التي يقوم بها الأنا Ego من خلال الإشباعات المباشرة وعمليات الإعداد. وهذه العمليات تكسب الفرد درجة من الاستقلالية، ووفقا لهذا المدخل فإن عملية الدراسة والتقدير تتركز على الوظائف الاجتماعية ويعطي المدخل اهتماما كبيرا للعوامل البيئية التي تساهم في تقوية الذات والتعبير عن وظائف الأنا كما يعطي أهمية أيضا لمظاهر التحويل والتحويل العكسي بين المختص الاجتماعي والمستفيد، ووفقا لهذا المدخل له عدة ادوار هي دور المعالج، والمساعد والمدعم.
د- المدخل السلوكي الاجتماعي Social behavioral Approch:
تتبنى هذا المدخل الخدمة الاجتماعية لتعديل السلوك وعلاجه من خلال التنشئة الاجتماعية، ويرى هذا المدخل أن المشكلات تنشأ عندما يسلك الفرد سلوكا غير توافقي، إما بسبب عدم كفاية الأنساق التدعيمية في البيئة أو بسبب القصور في عملية التعلم.
ومن هذا المنظور فإن عملية الدراسة تركز على المظاهر السلوكية لأداء الفرد لوظائفه، كما ينصب التركيز على تحديد السلوك غير المرغوب حتى يمكن القضاء عليه وأيضا تحديد مدى تكرار وخطورة السلوك والأوضاع التعزيزية التي تحكم هذا السلوك، ويرى هذا المدخل أن العملية التدخلية توجه مباشرة نحو مساعدة الأفراد على التخلص من أنماط السلوك غير التوافقية واكتساب سلوك توافقي جديد من خلال البرامج التعليمية والتنشئة الاجتماعية واستخدام المبادئ الخاصة بتعديل السلوك.
هـ- مدخل حل المشكلة Problem solving Approach:
ينظر هذا المدخل إلى النسق على أنه أداة أو مخلوق لحل المشكلة، وأن حياة الإنسان هي سلسلة متصلة من عمليات حل المشكلة. فالإنسان يتعلم ويكافح ويجاهد من أجل مواجهة مسؤوليات دوره في الحياة والأزمات المتكررة فيها، ويعمل على تنمية قدرته على حل مشاكله.
ويرى هذا المدخل أن الناس يواجهون المشكلات والصعوبات في القيام بوظائفهم الاجتماعية عندما يواجهون ضغوط وأزمات. ووجهة نظر هذا المدخل تركز على أمراض الشخصية باعتبارها العامل الهام المسبب لمثل هذا العجز الوظيفي، ويقوم المختص الاجتماعي في ذلك بالعديد من الأدوار منها الخبير في حل المشكلات وصنع القرارات ودور المخطط والباحث الاستراتيجي والوسيط.
وهذا المدخل يركز على مساعدة التلميذ في علاج مشكلاته المدرسية وذلك بمساعدته لاستخدام أقصى جهد ممكن واستثمار ما يمكن استثماره من قدراته وكفاءاته واختياراته لمواجهة الموقف الذي عجز عن مواجهته، وإشراكه في أنشطة تتيح له الفرصة لحل المشكلة. ويركز هذا المدخل على الأشخاص الآخرين المحيطين بالتلميذ وعلى الظروف التي تؤثر على شبكة علاقات التلميذ.
يعتمد مدخل حل المشكلة في ممارسته على قدرة المختص الاجتماعي المدرسي بتفكيره العقلي الهادف وتقنياته التشخيصية في مساعدة التلميذ بخطوات متعاقبة تمكن التلميذ من حل مشكلاته، ولذلك يهتم المختص الاجتماعي بإشراك التلميذ في كل هذه الخطوات تمكن التلميذ من معرفة مشكلته ثم يعرف جيدا أدواره ومسؤولياته تجاه المشكلة. لذلك يعتمد مدخل حل المشكلة على خلق علاقة مهنية قوية بين المختص الاجتماعي والتلميذ المستفيد ليستعيد هذا الأخير ثقته في نفسه بعد استثمار قدراته وتدعيم ذاته ليصبح قادرا على التعامل مع مشكلته بصورتها الكلية.
المطلب الثاني: الجانب الميتودولوجي والمنهجي للدراسة
يعتبر الجانبان المنهجي والميتودولوجي ركيزتين أساسيتين لأي دراسة علمية باعتبارهما لبنة مهمة في جمع المعطيات وبناء طريقة التفاوض مع الميدان والمبحوثين، إنه الخطة التي يهتدي من خلالها الباحث لطريقة المعاينة للوقائع المراد دراستها والبحث فيها، وعليه سيتم الحديث في هذا المطلب عن منهجية الدراسة (الفقرة الأولى) وتقنيات وأدوات جمع معطيات الدراسة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: منهجية الدراسة
تم اعتماد المنهج الكيفي لدراسة موضوع “دور المختص الاجتماعي في حل المشاكل المدرسية بالمغرب – حالة الملحقين الاجتماعيين”، كمنهج يتسم بالبحث في الخصائص الظاهرة والكامنة للوقائع والمشكلات الاجتماعية، وباعتباره منهجا تفهميا يغوص في الأعماق ويبحث عن الدلالة والمعنى، ومنه فموضوع الدراسة يحتاج لهذا المنهج لسبر أغوار حداثة تجربة الملحقين الاجتماعيين في الوسط المدرسي بالمغرب كتجربة وجدت أمامها عدة معوقات في مرحلة المأسسة لمهنة المختص الاجتماعي المدرسي، مما يقتضي التشخيص العلمي ونقل ما يجري في واقع بداية هذه التجربة وما يعترضها من تحقيق مهامها انطلاقا مما هو ملاحظ في الميدان.
ولقد وقع الاختيار على المنهج الكيفي باعتباره مجالا فسيحا يقوم على تداخل فروع العلم، ويستمد قوته من استعماله لعدد كبير من الطرق والأساليب المتاحة لتوليد المعرفة، كما يوفر إمكانات إبستمولوجية (متعلقة بنظرية المعرفة)، ومنهجية وفكرية. فممارسة البحث الكيفي هي ممارسة انعكاسية (أي نقدية)، وخاضعة للتطوير والتعديل أثناء العمل، وأنها تنتهي إلى إنتاج معرفة تحكمها الاعتبارات الثقافية وتشتبك بالأفكار النظرية من خلال تفاعل مستمر بين النظرية وطرق البحث من ناحية، وبين الباحث والمبحوثين من ناحية أخرى.
الفقرة الثانية: تقنيات وأدوات جمع المعطيات
تعد الملاحظة من أهم وسائل جمع البيانات وهي ركيزة أساسية في أي دراسة، فهناك بعض أنماط الفعل الاجتماعي التي لا يمكن فهمها فهما حقيقيا إلا من خلال مشاهدتها مشاهدة حقيقية، بمعنى رؤيتها رؤية العيان. والملاحظة بالنسبة للباحث وخاصة في علم الاجتماع تكون مؤطرة نظريا ومفاهيميا وبأسلوب منهجي منظم. بالإضافة إلى امتلاك نوع من الدربة والتخطيط الواعي والمهارة في تطبيق هذه التقنية وهو أمر يتحقق من خلال الممارسة والخبرة الطويلة.
إن القرار الأول الذي يجب أن يتخذه الباحث الملاحظ هو تحديد مجال الملاحظة (مكان وزمان الملاحظة)، ويجب أن يختار هذا المجال وفقا لأهداف الدراسة التي يكون قد صاغها من قبل، وعليه فمجال الملاحظة في هذه الدراسة هو الوسط المدرسي بشكل عام والملحقين الاجتماعيين بشكل خاص.
وجدير بالذكر أنه قد وقع الاختيار على الملاحظة التوثيقية والتي تتم فيها مراجعة الوثائق (تصريحات كلامية – وزارية – زيارة.. إلخ) ويستخرج منها المعلومات التي يختبرها الباحث لمقاربة إشكالية البحث.
المقابلة المتعمقة (المكثفة)
تعد المقابلة المتعمقة إحدى طرق البحث الشائعة الاستعمال بين الباحثين الكيفيين في جمع البيانات، وتتخذ المقابلة المتعمقة الأفراد كمنطلق للعملية البحثية، كما تفترض أن لدى الأفراد معرفة متفردة ومهمة بالعالم الاجتماعي يمكن التحقق منها من خلال التواصل الشفهي أي التحاور مع المبحوثين، وهي نوع خاص من الحوار بين الباحث والمبحوث يتطلب وجود التساؤل الفعال والإنصات الفعال، وتعتبر هذه العملية بمثابة جهد لخلق المعنى يتم بذله بالمشاركة بين الباحث والمبحوث.
وقد جرت العادة أن يسعى الباحثون الذين يجرون المقابلات المتعمقة للتعرف على الأنماط التي تظهر من واقع “الوصف المكثف” للحياة الاجتماعية والتي ترد على ألسنة المبحوثين، وبهذا المعنى تكون المقابلات الكيفية مصممة للوصول إلى المعلومات أو المعرفة “الخبيئة في الصدور” أو الكامنة، وفي هذا الصدد توفر المقابلات المتعمقة كما كبيرا من البيانات في صورة سجلات المقابلة (المدونة)، والتي تختزل في ما بعد من خلال العملية التحليلية والتأويلية.
إن المقابلات المتعمقة تدور دائما حول قضية أو موضوع معين، وتأتي هذه الدراسة لتسليط الضوء على دور المختص الاجتماعي في تشخيص وحل المشاكل المدرسية بالمغرب، من خلال تجربة الملحقين الاجتماعيين بالوسط المدرسي كتجربة ما زالت جنينية، وذلك كموضوع يحتاج إلى جمع معلومات حوله وتشخيص ما يجري لمقاربة مشكلة الدراسة.المبحث
الثاني: مهام الملحق الاجتماعي وطرق تعامله مع المشكلات التي يواجهها
يأتي هذه البحث ليجيب على إشكالية البحث الرئيسية المرتبطة بالملحق الاجتماعي المدرسي والعوائق التي تعترضه في ممارسة مهامه وأدواره وسيتم في هذا الإطار التقعيد العلمي والنظري لمهام وأدوار المختص الاجتماعي ومحاولة أجرأة مفهوم الملحق الاجتماعي من وجهة نظر المبحوثين والقطاع الوصي وتحديد علاقته بالحياة المدرسية والوسط المدرسي ( المطلب الأول)، وبعد ذلك سيتم التركيز على المشكلات التي تعرفها الحياة المدرسية وكيف يعمل المختص الاجتماعي على تشخيصها والعمل على حلها وما هي استراتيجياته في ذلك، عبر تسليط الضوء على موقع المختص الاجتماعي أو الملحق الاجتماعي المدرسي وكيف يقدم نفسه داخل هذا الوسط أو ما هي القوالب التي اصطنعت له، وكيف يعمل على تحقيق ذاته وإبراز مؤهلاته (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مهام وأدوار الملحق الاجتماعي المدرسي وعلاقته بالحياة المدرسية
الفقرة الأولى: مهام وأداور الملحق الاجتماعي المدرسي
أولا: مهام المختص الاجتماعي المدرسي من خلال بعض الدراسات السابقة:
ارتأيت في هذا المطلب أن أستحضر مجموعة من الأبحاث النظرية التي حاولت تحديد مهام وأدوار المختص الاجتماعي المدرسي حتى تكون هناك إفادة للملحقين الاجتماعيين بمدارس المغرب، من أجل استيعاب مهامهم وأدوارهم (الفقرة الأولى)، وبعد ذلك سأعرض مجموعة من المعطيات الميدانية التي تم التوصل إليها في ما يخص مهام وأداور الملحق الاجتماعي المدرسي بالمغرب (الفقرة الثانية).
تحقيق توافق التلميذ مع واقع الحياة والبيئة المدرسية.
وضع البرامج التي من شأنها تنمية التلميذ اجتماعيا وسلوكيا وتعليميا.
ويتحقق توافق التلميذ من خلال عدة أسس من بينها: استثمار طرق الخدمة الاجتماعية في ما يحقق تأهيل التلميذ ويهيئه لتوجيه قدراته وإمكاناته الشخصية والبيئية لتحقيق النجاح الدراسي وتجنب مهاوي التخلف الاجتماعي والدراسي حتى يستطيع مسايرة متطلبات زمانه، ويستدعي ذلك تطوير برامج الخدمة الاجتماعية المدرسية من خلال توفير سبل الرعاية الاجتماعية التي تمكن من حل مشكلات التوافق وصعوبات التعلم لدى التلميذ وتجنبه السقوط في العلل والأمراض الاجتماعية التي قد تعيق تحصيله الدراسي، وتحول دون التوافق الاجتماعي والتفاعل السوي مع مكونات الحياة المدرسية، مما يؤثر بالسلب على صحته النفسية والعقلية. وعليه يتوجب على المختص الاجتماعي المدرسي أن يدعم -عبر تدخله المهني- قيم التوافق والاندماج الاجتماعي لدى التلميذ، وذلك تلبية لحاجات التلميذ النفسية والاجتماعية والتربوية.
ويحدد الباحث فهمي محمد السيد المهام الأساسية للمختص الاجتماعي المدرسي في ما يلي:
تذليل الصعوبات التي قد تعترض التلميذ في مساره الدراسي.
إعداد السجلات المنظمة للعمل الاجتماعي المدرسي والتي من بينها: سجل الحالات الفردية؛ سجل المختص الاجتماعي؛ سجل اجتماعات المجالس المدرسية؛ سجل متابعة التأخر الدراسي؛ سجل الإرشاد والتوجيه.
التواصل مع أولياء أمور التلاميذ والقيام بزيارات منزلية للحالات التي تستدعي ذلك وبتنسيق مسبق مع الأسرة.
حصر التلاميذ المتعثرين دراسيا وتنظيم تتبعهم ومواكبتهم بالتعاون المشترك مع إدارة المؤسسة وأولياء أمور التلاميذ.
حصر التلاميذ كبار السن ومتابعتهم.
العمل على رعاية الحالات النفسية وإحالتها على المختصين النفسيين.
تتبع ومواكبة التلاميذ المتفوقين دراسيا وكذا المتأخرين وذلك من خلال تقييم نقطهم ومتابعتهم في الامتحانات المختلفة على مدار العام الدراسي، والاستعانة بالسجلات وبطائق التنقيط في الامتحانات الدورية وكذا البيانات المدرجة في الحاسوب حتى يمكن العمل على تتبع التلاميذ الذين يجدون مشاكل في تحصيلهم الدراسي.
جرد التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تحتاج لجهود وتتبع لفترات طويلة، ودراستها وتشخيص مشاكلها ووضع خطة علاجية لها، بالإضافة إلى إعداد ملف خاص بكل حالة على حدة.
دعم فئة التلاميذ في وضعية اجتماعية صعبة من المخصصات المدرسية كأرباح المقصف واقتراح قيمة المساعدة بتنسيق مع الإدارة التربوية.
دراسة عبد الرحمن الخطيب حول الخدمة الاجتماعية كممارسة تخصصية مهنية في المؤسسات التعليمية:
رصدت مجموعة من المهام والأدوار التي يضطلع بها المختص الاجتماعي المدرسي انطلاقا من حالة دولة الكويت وتتلخص هذه الأدوار فيما يلي:
* العمل مع التلاميذ على المستوى الفردي ويشمل ما يلي:
تحقيق التوافق النفسي مع مجتمعهم المدرسي والأسري والخارجي.
تشخيص وتتبع حالات التلاميذ الذين يعانون من مشكلات اجتماعية ونفسية ومدرسية تتعلق بالتحصيل الدراسي أو الغياب أو الخروج عن النظام المدرسي أو مشكلات سلوكية أو صحية أو اقتصادية.
تتبع حالات التخلف العقلي والتأخر الدراسي والتي تعجز عن التعلم والتي تعاني من اضطراب الكلام والاضطراب الانفعالي والسلوكي الشديد، وهنا يكون تنسيق بين المختص الاجتماعي والمختص النفسي، حيث يتم التعامل بأسلوب الفريق في إطار من التعاون والتكامل بين التخصصين. بالإضافة إلى إشراك الطبيب والمدرس وغيرهما من المتخصصين في الحالات التي تتطلب ذلك.
* العمل مع التلاميذ على المستوى الجماعي ويهم ما يلي:
العمل على تشكيل الجماعات الاجتماعية بالشكل الذي يتلاءم مع طبيعة المرحلة التعليمية لتلبية حاجات التلاميذ ومساعدتهم على تحقيق التوافق وتحمل المسؤولية وإعدادهم للحياة الاجتماعية السليمة، ولهذا على المختص الاجتماعي استثمار الجماعات المدرسية في تنمية شخصية التلميذ.
يسعى المختص الاجتماعي إلى تحقيق مشاركة أطراف العملية التربوية من أولياء أمور وتلاميذ ومعلمين وأساتذة، ويعمل على تنظيم البرامج التي تؤدي إلى غرس روح المسؤولية لدى التلاميذ وتنمي قدراتهم ويهدف إلى تدعيم العلاقات بين البيت والمدرسة والمجتمع عبر آليات من بينها مجلس الآباء والمعلمين بالمدرسة، والمجتمع المحلي في المنطقة والمجتمع المدني ومجلس إدارة المؤسسة المدرسية.
3- دراسة الحريري والإمامي سمير:
بعنوان: “الإرشاد التربوي والنفسي في المؤسسات التعليمية” والتي حددت مهام وإدوار المختص الاجتماعي في ما يلي:
إعداد ملفات للتلاميذ تتضمن بيانات مفصلة عن التلميذ، مع حفظها في سرية تامة، وكافة السجلات والوثائق الخاصة بالتسجيل أو الحذف أو الانسحاب، ومسيرة التلميذ الدراسية، والخطة الدراسية المنطبقة عليه، ووثائق تنمية المهارات والتطوير الذاتي، والخدمة الاجتماعية التي حصل عليها التلميذ أثناء دراسته، ونسخ حديثة من السجل الدراسي وكشف النقط.
القيام بعملية الإرشاد الفردي والجمعي، لكونه من أولويات النظام التعليمي.
– التنسيق والتوفيق بين البرامج التعليمية ومتطلبات المهنة.
تطوير مهارات الاتصال وإدارة الوقت لدى التلاميذ ومساعدتهم في اتخاذ القرارات.
– التطوير الذاتي للتلاميذ من خلال رعاية المتعثرين دراسيا وتحفيز الموهوبين والمتفوقين.
مساعدة التلاميذ على التعامل مع مشاكلهم النفسية والتربوية والاجتماعية والعاطفية والسلوكية.
تحديد التلاميذ الذين هم في حاجة لخدمات نفسية أو اجتماعية وذلك عن طريق إجراء الاختبارات والفحوصات، وتحويل الحالات التي تحتاج إلى تدخل علاجي نفسي أو على مستوى متخصص إلى المؤسسة المعنية.
مساعدة التلاميذ في حل مشاكلهم خاصة مع أقرانهم وكيفية التعامل مع الصراعات، ومساعدتهم على تحقيق أفضل النتائج الأكاديمية.
مساعدة التلاميذ في تطوير قدراتهم ومهاراتهم وتحديد ميولهم، وبناء شخصياتهم بشكل قويم.
التنسيق مع المجتمع المدني لتقديم الخدمات الارشادية للمؤسسة التعليمية.
تقديم المحاضرات الارشادية والتوعوية للتلاميذ ومساعدتهم على التكيف مع المشكلات الحياتية.
استثمار البحوث والدراسات الحديثة لتطوير التدخل الاجتماعي لفائدة التلاميذ، وإيجاد الحلول الناجعة للمشكلات التربوية والسلوكية والنفسية التي تواجه التلاميذ.
تقديم الاستشارة لأعضاء هيئة التدريس والإدارة حول كيفية التعامل مع السلوكات الصعبة الصادرة عن بعض التلاميذ.
العمل على توطيد العلاقة بين البيت والمؤسسة التعليمية، وتنظيم برامج زيارات أولياء الأمور واجتماعاتهم واشراكهم في حل المشكلات المدرسية.
يتبين من خلال هذه الدراسات أن المهام المنوطة بالمختص الاجتماعي داخل الوسط المدرسي، هي مهام جد مهمة ومحورية في تشخيص وحل المشكلات الاجتماعية المدرسية، خاصة تلك التي تعترض التلميذ في تحصيله الدراسي وتنمية قدراته حتى يكون مؤهلا للانخراط في الحياة الاجتماعية بشكل طبيعي بل ويساهم في تطويرها من خلال ما تلقاه من مهارات ومكتسبات وفق استراتيجية الدولة التعليمية. وعليه سيتم الوقوف في ثانيا عن مهام وأدوار الملحق الاجتماعي المدرسي بالمغرب، حتى يتم الوقوف عن التجربة الجديدة للملحقين الاجتماعيين بالمغرب الذين تم تعيينهم بالمؤسسات التعليمية حديثا، وهل تلك المهام تتماشى مع ما تم اكتشافه في الدراسات السالفة الذكر، وهل يجدون صعوبة في تطبيق مهامهم؟
ثانيا: مهام وأداور الملحق الاجتماعي المدرسي بالمغرب.
يحدد القرار الوزاري رقم 20.714 مهام أطر الدعم الاجتماعي في ما يلي:
المهام ذات البعد النفسي والاجتماعي والصحي:
– الاستماع وتقديم المشورة والدعم للتلاميذ وأوليائهم.
– محاربة الظواهر والسلوكات السلبية بالمؤسسات التعليمية.
– محاربة الهدر المدرسي.
– دراسة أسباب الانقطاع الدراسي وتقديم التوصيات لمجالس المؤسسة.
ب- مهام التدبير التربوي والتواصل:
– التواصل مع أسر التلاميذ المتعثرين في الدراسة أو المنقطعين عنها.
– إعداد دفاتر خاصة للتلاميذ المتعثرين وذوي الاحتياجات الخاصة من أجل إحصائهم ومصاحبتهم وتتبعهم.
– المساهمة في إعداد وتنظيم وتنسيق الأنشطة التربوية والثقافية والرياضية بالمؤسسة التعليمية.
ج- المهام ذات الارتباط بالحياة المدرسية:
– المساهمة في إعداد وتتبع مشروع المؤسسة.
– المساهمة في ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني.
– المساهمة في تأسيس الأندية التربوية والثقافية.
– المساهمة في تنمية وتعزيز الشراكات والتواصل بالإدارات والجماعات الترابية وفعاليات المجتمع المدني لدعم فئات التلاميذ من المعوزين وذوي الاحتياجات.
الفقرة الثانية: علاقة المختص الاجتماعي بالحياة المدرسية
أولا: أنشطة الحياة المدرسية
تعتبر الحياة المدرسية صورة مصغرة للحياة الاجتماعية في أماكن وأوقات مناسبة، وتهتم بالتنشئة الشاملة لشخصية المتعلم بواسطة أنشطة تفاعلية متنوعة تشرف عليها هيئة التدريس والإدارة ويسهم فيها مختلف الشركاء.
تشمل الحياة المدرسية جميع الأنشطة، التي يقوم بها المتعلم داخل أو خارج المؤسسة التعليمية. وهي صنفان
الأنشطة الفصلية:
هي أنشطة موزعة حسب المواد الدراسية، وتنجز من طرف المدرس، في وضعيات تعليمية تعلمية معتادة، داخل الحجرة الدراسية وخارجها.
فالأنشطة الفصلية هي أنشطة مسطرة في المناهج المقررة، تنجز باستثمار الكتب المدرسية، وتعنى بالاجتهاد الفردي والجماعي في إطار المجلس التعليمي ومجالس المؤسسة، وفق ما ينص عليه النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، وبتنسيق مع المفتش التربوي
وتتجلى أسس الأنشطة الفصلية ومرتكزاتها في ما يلي:
– التنمية الشمولية لشخصية للمتعلم.
– العمل التشاركي والمشاركة الفعالة.
– تفريق التعلمات: هل يوجد قسم منسجم؛ وحيد المستوى.
– الحق في الخطأ وحرية التعبير.
– الانطلاق من الوضعية المشكلة.
– تنويع طرائق التعلم ومتعة التعلم.
– التقويم والانطلاق من نتائجه.
– التعامل الإيجابي مع الكتاب المدرسي: الكتاب المدرسي ليس سوى فرضية لتصريف المنهاج الرسمي.
الأنشطة المندمجة
هي أنشطة تتكامل مع الأنشطة الفصلية بفضل مقاربة التدريس بالكفايات، وقد يشارك في تأطيرها متدخلون مختلفون. كما أنها تسعى إلى تحقيق أهداف المنهاج، وتعطي هامشا أكبر للمبادرات الفردية والجماعية التي تهتم أكثر بالواقع المحلي والجهوي، بالإضافة إلى كونها تتيح إمكانية مناولة المواضيع والأحداث الراهنة، وتفتح المجال للتعلم الذاتي والملائم لخصوصيات المتعلمين. وتعتبر الأنشطة المندمجة مجال خصبا للتجديد والتجريب التربوي لمقاربات وطرق وتقنيات يمكن اعتمادها، عند ثبوت نجاعتها، في الممارسة الفصلية.
وتضم الأنشطة المندمجة ما يلي:
– أنشطة التفتح: أنشطة التربية الصحية والبيئية والتربية على التنمية المستدامة – أنشطة التربية على القيم – الأنشطة الثقافية والفنية والإعلامية – أنشطة التربية على حقوق الإنسان والمواطنة -الأنشطة الثقافية والعلمية والتكنولوجية – أنشطة تكنولوجيا الإعلام والتواصل.
– أنشطة الدعم: الدعم الاجتماعي – الدعم التربوي النفسي.
– أنشطة التوجيه التربوي: تهدف إلى مواكبة المتعلمين وتيسير نضجهم وميولهم وملكاتهم واختياراتهم التربوية والمهنية، وإعادة توجيههم كلما دعت الضرورة إلى ذلك، ابتداء من السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي إلى التعليم العالي.
ثانيا: دور المختص الاجتماعي المدرسي في الحياة المدرسية
يتأسس دور المختص الاجتماعي المدرسي على أنشطة الدعم والتي تشمل الدعم الاجتماعي والدعم التربوي النفسي ويمكن تعريف هذين المحورين وفق الآتي:
– الدعم الاجتماعي:
هو كل عمل مرتبط بالتضامن والتكافل والتسامح، وكل عمل يهدف إلى توثيق عرى المحبة والإخاء بين المتعلمين وبقية أفراد المجتمع، وتنشئتهم على التضامن مع الغير في سبيل المصلحة العامة، وإذكاء روح المواطنة والتضامن لدى الناشئة. وتهدف كذلك إلى جعل المتعلمين يحيدون عن دائرة الأنانية وحب الذات وإدماجهم تدريجيا في واقع العمل البناء.
– الدعم النفسي التربوي:
مجموع الإجراءات والعمليات التي ينبغي اتخاذها، والاستراتيجيات التي ينبغي اتباعها، والتي من شأنها أن تجعل النظام التربوي قادرا على تحقيق الكفايات المسطرة عند كافة المتعلمين دون ميز أو شرط، بمراعاة جوانبهم المعرفية، والنفسية الوجدانية، والحس حركية.
وعليه فالدور الذي يضطلع به المختص الاجتماعي المدرسي هو عبارة عن حزمة من الجهود والبرامج المهنية التي تتم تهيئتها للتلاميذ بغية تحقيق أهداف تربوية وتعليمية بما يسهم في تنمية شخصياتهم، وإثراء خبراتهم، والاستفادة من الإمكانات والخبرات المتاحة إلى أقصى حد، واستثمار طاقاتهم الخالقة، وقدراتهم واستعداداتهم المختلفة، ومساعدتهم على تحقيق أفضل حالات التكيف والتوافق الدراسي، والتفاعل التربوي والتعليمي الإيجابي، بما يسهم في نمو شخصية الطالب من خلال إشباع حاجاته الجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية، والإسهام في تفعيل مشاركته الاجتماعية في المجتمع المدرسي والأسري المحلي، وتشجيعه على إقامة وبناء علاقات اجتماعية سوية والحفاظ على صحة عقلية وبدنية سليمة.
المطلب الثاني: المشكلات التي يواجهها الملحق الاجتماعي وطرق تعامله معها
الفقرة الأولى: المشاكل التي يعرفها الوسط المدرسي والتي تعترض المختص الاجتماعي
أولا: المشاكل التي يعرفها الوسط المدرسي.
ماهية المشكلات المدرسية:
هناك تعاريف متعددة للمشكلة منها: أنها مسألة أو معضلة تؤثر في السلوك البشري أو العلاقات الاجتماعية. ويمكن من هذا التعريف تعريف المشكلة الاجتماعية بالآتي: هي انحراف يتم داخل إطار المجتمع، يدور في دائرة تبدأ من الفرد وتنتهي إلى الأفراد، ومن ثم تؤثر في النسق الاجتماعي سواء كان المدرسة أو الأسرة أو غيرها من الأنساق الأخرى تأثيراً سلبيا.
ويمكن تعريف المشكلات المدرسية على أنها: هي الصعوبات التي تواجه التلاميذ في مختلف مراحل التعليم، نتيجة لمؤثرات شخصية أو مدرسية أو أسرية أو مجتمعية، ولا تستطيع قدرات التلميذ على مواجهتها مما يعوق تكيفه مع المدرسة، ويؤثر بالتالي على حياته الدراسية وحياته العامة، كما يتطلب التدخل لمساعدته على مواجهة تلك الصعوبات.
وتعرف المشكلات المدرسية على انها موقف معقد تعجز فيه قدرات التلميذ على التصدي لها بفعالية مناسبة مما يؤدي إلى اضطراب في أدائه الاجتماعي، ويحد من تفوقه الدراسي.
وتختلف المشكلات المدرسية اختلافا واضحا من فرد لآخر ومن جماعة لأخرى تبعا لمراحل النمو ودرجة الوعي بالمشكلة والموقف الشخصي من المشكلة وتتدخل عدة عوامل في الشخصية الاجتماعية في درجتها من البسيط إلى المعقد فمثلاً من الصعوبات التي تواجه التلاميذ عدم القدرة على الاشتراك في رحلة أو نشـاط معـين أو اقتنـاء بعـض الأدوات المدرسية وتتدرج المشكلات حتى تصل إلى مستوى أكثر تعقيدا كمشكلات عدم التكيف مع الزملاء وعدم الاستقرار النفسي والأسرى.
أ- المشكلات المدرسية التي يواجهها التلاميذ والمطروحة أمام المختص الاجتماعي:
تعتبر المشكلات المدرسية التي يواجهها التلاميذ جوهر تدخل عمل الملحق الاجتماعي المدرسي أو المختص الاجتماعي، باعتبار أن التلميذ هم محور العملية التعلمية وهم المؤشر على نجاح المنظومة التربوية. وتختلف المشكلات التي يواجهها التلاميذ باختلاف المجتمعات المدرسية واختلاف تعاملها وقد دلت البحوث والدراسات أن هناك مشكلات يعاني منها طلاب المدارس في الدول النامية. ويمكن تلخيص هذه المشكلات فيما يلي:
المشكلات المدرسية
– مشكلات الغياب وعدم الانتظام في الدراسة.
– ضعف مستوى التحصيل الدراسي بسبب التخلف الدراسي.
ليس هناك معنى واضح للتأخر الدراسي، ولكن يمكن تحديد معناه بصورة أقوى من التقديرات الوصفية عن طريق مقاييس الذكاء ومقاييس النسبة التحصيلية، وعليه فالمختص الاجتماعي المدرسي هو الذي يدرس هذه المشكلة، ويحدد عواملها المؤثرة، ثم يضع الخطة العلاجية المناسبة.
ومن بين العوامل المؤدية للتأخر الدراسي هناك:
– عوامل عقلية:
ترتبط بضعف الذاكرة وعدم التركيز (تشتت الانتباه)، بالإضافة إلى عدم القدرة على الاسترجاع والتذكر، وصعوبات القدرات اللغوية والذهنية، وكذلك كثرة النسيان والسرحان.
– عوامل نفسية:
تتعلق بضعف الثقة في النفس، وعدم القدرة على الاعتماد على النفس والشعور بالنقص، وكذلك الشعور بالاضطهاد، بالإضافة إلى بعض الاتجاهات الوجدانية الخاصة مثل كراهية مادة دراسية معينة لارتباطها بموقف مؤلم من جانب المدرس أو الزملاء. ومن العوامل النفسية أيضا كراهية التلميذ لأحد المدرسين لأنه يمثل السلطة الوالدية القاسية، التي تكرس الشعور بالخوف والذي يعد بدوره عاملا من عوامل التأخر الدراسي سواء أكان هذا الخوف من المدرسين، أو الخوف من الرسوب، أو الخوف من الإحراج وسخرية الزملاء.
– عوامل جسمية:
هناك عوامل جسمية خاصة مسؤولة عن التأخر الدراسي مثل ضعف السمع، أو ضعف البصر، أو ضعف حاسة من الحواس المختلفة، أو الالتهابات في الجهاز التنفسي وكل الأمراض التي تشكل عائق في تحصيل التلميذ الدراسي.
* طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة بين أفراد المجتمع المدرسي.
ومن بين المشكلات المرتبطة بها ضعف شبكات العلاقات وتمزقها عندما تسوء علاقات التلميذ بالآخرين، سواء أكانوا من داخل الأسرة أو خارجها، بالإضافة إلى علاقاته بمدرسيه وزملائه في المدرسة.
* العادات السيئة والسالبة بين أوساط التلاميذ والأطر التعليمية.
ترتبط بعدم قدرة التلميذ على أداء واجباته في المذاكرة والمراجعة، والمواظبة على الحضور إلى المدرسة.
* ضعف الإعداد العلمي والفني للمعلمين وصعوبة توصيل المادة للتلاميذ.
2- المشكلات الأسرية:
* تدليل الأبناء: فالتدليل الزائد للأبناء يؤدي إلى تملص التلميذ من واجباته المدرسية وتعلمه للاتكالية.
* القسوة في معاملة الأبناء وتوجيههم: إن قسوة أحد الوالدين أو كلاهما وشدة التضييق على الابن أو الابنة وتدخلهما في أتفه المسائل الخاصة بالابن، بالإضافة إلى اضطراب الجو المنزلي بسبب الخلافات الأسرية المتكررة يؤثر لا محالة بشكل سلبي على شخصية التلميذ وتحصيله الدراسي، هذا بالإضافة إلى تقييد حرية الأبناء بصور مبالغ فيها أو الخوف الزائد عليهم، بالإضافة إلى تكليفهم ببعض المطالب والمسؤوليات التي تشغل معظم وقتهم، مما يعيق أداء واجباتهم الدراسية.
* الخلافات بين الأبوين أو الإخوة.
3- مشكلات عدم التكيف :
* الإدارة المدرسية المتسلطة.
* التمييز في المعاملات بين التلاميذ.
* ازدحام الفصول الدراسية.
4- مشكلات أوقات الفراغ:
* عدم توافر الأنشطة والنوادي الثقافية أو كفايتها لإشباع ميول التلاميذ.
* عدم مشاركة المدرسة في مسابقات الأنشطة التلمذية المختلفة.
* سيطرة بعض التقاليد الاجتماعية البالية التي تمنع أو تحد من مشاركة الأبناء في الأنشطة المدرسية.
المشكلات المتعلقة بالصحة والنمو الجسمي:
* زيادة النمو الجسمي (السمنة) بقدر لا يسمح للتلميذ بممارسة النشاط المدرسي.
* نقص النمو الجسمي (الضعف البدني) بما لا يتيح للتلميذ المشاركة في الأنشطة المدرسية.
– المرض وتدهور الصحة العامة.
– القصور أو الإعاقة (حاسة أو أكثر)
– العاهات الخلقية.
6- مشكلات دينية وأخلاقية وسلوكية:
* الجهل أو عدم فهم بعض الأمور الدينية.
* التناقض الذي يراه في الآخرين .
* الثغرات اللّفظية التي تصدر من بعض الأطر التعليمية.
* السلوك الشاذ كاستخدام الألفاظ السيئة بين التلاميذ والمدرسين .
وتعد المشكلات السلوكية من أهم المشاكل التي تطبع مظاهر الانحراف داخل الوسط المدرسي، ومن أبرز هذه المشكلات السلوكية في المجال المدرسي: الشغب والسرقة، والكذب، العنف، والتحرش الجنسي والإدمان على المخدرات وتدخين السجائر والنرجيلة (الشيشة).
المشكلات العاطفية والجنسية:
* المعاملة القاسية، وفقدان الرقة والحنان في المدرسة.
* نقص أو انعدام العلاقات الاجتماعية الحميمة في المجتمع المدرسي.
* الاضطرابات العاطفية ونمو غريزة الجنس المصاحبة لمرحلة المراهقة.
* أحلام اليقظة وشرود الذهن المتكرر نتيجة للنمو الفسيولوجي والذهني.
تظهر المشكلات الجنسية والعاطفية داخل المؤسسات التعليمية بين التلميذات والتلاميذ، وتؤثر هذه المشكلات تأثيرا بالغا على الحالة النفسية لديهم، مما يجعلهم ينصرفون عن أداء واجباتهم الدراسية، ويدخلون في نوع من الشرود الذهني وكثرة الشكاوى من عدم القدرة على المذاكرة أو النسيان، لأنهم شغلوا أفكارهم وملؤوا عقولهم باستيهامات جنسية وعاطفية.
وهنا يظهر دور المختص الاجتماعي المدرسي، الذي يحاول حلحلة مختلف المشاكل التي لا يستطيع بعض التلاميذ البوح بها لأحد، من خلال كسب الثقة والحفاظ على أسرار التلميذ ويجعله يشعر بنوع من الأمان لحل مشكلاته، ويخرج عن صمته، مما يمكن المختص الاجتماعي من إيجاد السبل المناسبة للتعامل مع الحالات المعروضة أمامه كتوضيح الكثير من الأمور التي يجهلها التلميذ لصغر سنه، ويحاول تغيير مشاعره السلبية إلى أخرى إيجابية تعيد له الثقة بنفسه وتجعله شخصية متزنة.
8- المشكلات الاقتصادية:
* الفقر الذي لا يمكن أسرة التلميذ من توفير المتطلبات الأساسية من الأدوات والملابس.
* شعور بعض التلاميذ بالنقص حين رؤية تلاميذ مترفين.
* العدوان والغيرة لدى بعض التلاميذ نتيجة الفروق الاقتصادية.
إن انخفاض المستوى الاقتصادي للأسر يعد من العوامل الهامة التي تحدث المشكلات المدرسية، فعجز الأسر عن توفير حاجيات التلميذ الأساسية قد يكون سببا في ضعف طاقة التلميذ وانخفاض قدرته على بذل الجهد الدراسي المطلوب، وهو ما يدفع بعض التلاميذ إلى الهدر المدرسي والتوجه للعمل في سن مبكرة. وذلك بسبب شعور التلميذ بالحرمان والنقص، ويشتد هذا الشعور أكثر في مرحلة المراهقة.
ولذلك يعمل المختص الاجتماعي المدرسي على تتبع الوضع الاجتماعي والاقتصادي للتلاميذ، ويمكنه أن يستخدم إمكانيات المدرسة المادية في مساعدة الفئات المعوزة من التلاميذ في سرية تامة، مما يمكنهم من التغلب على الشعور بالنقص، فتقوى ثقتهم في أنفسهم وينخرطون بشكل عاد في الحياة المدرسية.
ثانيا: المشاكل التي تعترض المختص الاجتماعي المدرسي أثناء القيام بمهامه
وجد الملحقون الاجتماعيون عدة مشاكل في ممارسة تخصصهم، ففي تجارب مشابهة في دول أخرى عمد بعض مدراء المدارس إلى تكليف المختصين الاجتماعيين بالقيام ببعض الأعمال التعليمية، مثل تدريس بعض المواد وشغل الحصص في حالة غياب أحد المدرسين، وتنظيم وحفظ البطاقات المدرسية.
ويلاحظ أن هذه الأعمال لا تدخل ضمن الأعمال المهنية التي أعد المختص الاجتماعي لممارستها، مما دفع الكثير من المختصين الاجتماعيين لطلب التحويل والنقل من المدارس إلى مجالات أو قطاعات أخرى، إذ شعروا بعدم اقتناع وإيمان الإدارة المدرسية بأهمية وطبيعة دور المختص الاجتماعي.
– غياب التحسيس والتوضيح لمهام أطر الدعم الاجتماعي المدرسي من طرف الوزارة المعنية بخصوص الأدوار التي يضطلع بها المختص الاجتماعي المدرسي.
– سيادة تمثل حول أطر الدعم الاجتماعي المدرسي في بعض الأدوار الثانوية كمساعد للإدارة.
– غياب بنية تحتية وفضاءات خاصة لأطر الدعم الاجتماعي كمكاتب وأدوات للاشتغال وقاعات للقيام بجلسات الاستماع والانصات.
– صعوبة تغطية إطار دعم اجتماعي واحد لعدد كبير من التلاميذ مما يتطلب الزيادة في عدد الملحقين الاجتماعيين وفق نسبة تمثيلية معقولة.
وتضيف “و.ف” عدة مشاكل أخرى تعترض عمل المختص الاجتماعي المدرسي من بينها:
– نفور بعض المدرسين من هذه المهمة الوافدة حديثا وعدم عرض مشكلات الفصل على الملحق الاجتماعي.
– عدم التعاون مع الملحق الاجتماعي المدرسي من قبل هيئة التدريس بذرائع ضيق الوقت وحصص الدعم.
– غياب الاهتمام بالجانب الاجتماعي والنفسي للتلميذ.
– عدم إتاحة وقت كاف للأنشطة المدرسية الثقافية والتربوية.
– نهج بيداغوجية واحدة لا تلبي جميع متطلبات التلاميذ ولا تطور حصولهم على علامات جيدة في اختباراتهم المدرسية.
– لجوء التلاميذ إلى دروس الدعم والتقوية لتغطية النقص الذي يعيشونه في الفصل الدراسي.
– انعدام تكافؤ الفرص حينما لا تستطيع الأسر الهشة تغطية تكاليف دروس الدعم.
يتبين إذن من خلال ما سبق أن التجربة الجنينية لأطر الدعم الاجتماعي بالمغرب تعترضها عدة معيقات وتحديات تستلزم أولا تكثيف الجهود من أطر الدعم الاجتماعي بالمغرب، للتعريف بأنفسهم والتحسيس بأدوارهم الفعالة والمهمة في خلق التوازن داخل الحياة المدرسية سواء بالنسبة لفئة التلاميذ باعتبارهم جوهر الحياة المدرسية أو فئة المدرسين والإدارة باعتبارهم الساهرين على تنفيذ البرامج التعليمية. فإطار الدعم الاجتماعي يبقى دوره جد مهم لتغطية ذلك النقص الذي كان حاصلا داخل المؤسسات المدرسية والتي عرفت استفحال عدة ظواهر اجتماعية ونفسية خلفت الإدمان على المخدرات والهدر المدرسي والتمييز في التعامل بين التلاميذ، والسلطوية في تدبير من تعترضهم مشاكل اجتماعية أخرى.
الفقرة الثانية: الخدمة والمساعدة الاجتماعية التي يقدمها المختص الاجتماعي في تشخيص وحل المشكلات المدرسية والحلول المقترحة لتجاوز العقبات
أولا: الخدمة الاجتماعية التي يقدمها الملحق الاجتماعي المدرسي بالمغرب
يقوم الملحق الاجتماعي المدرسي بالمغرب بتقديم المساعدة والخدمة الاجتماعية لفائدة فئة التلاميذ وكذا أوليائهم وذلك بطلب من التلميذ أو أسرته أو حينما تطلب إدارة المؤسسة ذلك أو الأستاذ المدرس للحالة، أو بطلب من جمعية آباء وأمهات التلاميذ أو المجتمع المدني، أو التدخل مباشرة لفائدة الحالات المعروضة التي تستلزم تدخل إطار الدعم الاجتماعي أو المختص الاجتماعي المدرسي بما يحقق للحالة التوازن والتوافق والانخراط العادي في الحياة المدرسية والتربوية.
والملحق الاجتماعي المدرسي هو إطار للدعم الاجتماعي لفائدة التلاميذ تم إحداثه منذ سنة 2003، إلا أن تفعيل هذا الدور والمهمة لم يتم إلا في سنة 2020.
ويقوم الملحق الاجتماعي المدرسي حسب المرسوم رقم 854-02-2 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية بمهام دعم العمل الاجتماعي والصحي بالمؤسسات التعليمية، ويحدد المرسوم اختصاصات ومهام إطار الدعم الاجتماعي في ما يلي:
تسجيل التلاميذ المرضى وإحالتهم على الطبيب المختص.
مراقبة نظافة ومرافق المؤسسة الداخلية والخارجية.
إحصاء التلاميذ المعوزين والتعرف على أسرهم ومشاكلهم.
– زيارة الأساتذة والتلاميذ المرضى.
– إحصاء وتتبع التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة.
– إخبار الإدارة والأساتذة بوضعية بعض التلاميذ الصحية والاجتماعية.
– الاتصال بالإدارات والجماعات والجمعيات لتلقي مساعدات للتلاميذ.
– إعداد دفاتر خاصة حسب الحالات، والقيام بالإحصاء والتتبع والعمل على اقتناء الأدوية والأدوات الطبية.
– تنظيم عروض ولقاءات مع المختصين حول قضايا الأسرة والتلميذ.
ومن بين المهام والأدوار التي يقترحها أطر الدعم الاجتماعي بالمغرب حسب التجارب الميدانية وانطلاقا من التكوين المتخصص في العمل الاجتماعي ما يلي:
– مساعدة المتعلم وإكسابه قدرة التموقع داخل الحياة المدرسية.
– الوساطة التربوية بين المدرسة والأسرة من جهة ومختلف الفاعلين من جهة أخرى.
– محاربة الظواهر التي تمس بالوسط التربوي.
– ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني وإرساء القيم والمبادئ داخل المؤسسات التعليمية.
– القيام بالمهام ذات البعد النفسي والاجتماعي والصحي والتدبير التربوي والتواصل لفائدة التلاميذ.
– العناية بالحياة المدرسية بما يساعد على خلق فضاء متوازن للتمدرس.
– العمل على رفع مستوى تقدير الذات واستقلالية شخصية التلاميذ.
– حسن الانصات والإصغاء والاستماع لمشاكل التلاميذ والأساتذة.
– البحث في عوامل المشاكل المدرسية والقيام ببحوث تشخيصية.
ثانيا: الحلول والإجراءات المتخذة للتعاطي مع العقبات والمشاكل التي تعترض عمل الملحق الاجتماعي المدرسي
أمام حجم المسؤولية الملقاة على عاتق أطر الدعم الاجتماعي بالمغرب، وفي ظل إكراهات الواقع والتجربة الجنينية لهذه الحرفة الميدانية، كان لزاما على أطر الدعم الاجتماعي العمل على الإبداع والابتكار لإيجاد موطئ قدم لهم داخل الحياة المدرسية. إنها معركة إبراز الذات والتعريف بمهنة المختص الاجتماعي المدرسي وأدوارها النبيلة في الحياة المدرسية ومدى قدرتها على فك مجموعة من الشيفرات العالقة التي خلفت عدة ظواهر سلبية داخل الحياة المدرسية وألقت بظلالها على مختلف الفئات سواء التلاميذ أو الإدارة أو هيئة التدريس.
لذلك عمل الكثير من الملحقين الاجتماعيين على بذل مجموعة من المجهودات واقتراح الكثير من الحلول على الجهات المتدخل لإعطاء مهنتهم المعنى الذي تستحقه والمناخ المناسب الذي يجب توفيره ويمكن إجمال ذلك في ما يلي:
– التركيز على الجانب الكيفي والنوعي في التعامل مع المشكلات المدرسية من خلال ترتيب الأوليات والحالات التي تحتاج للتدخل العاجل وذلك لتغطية النقص الحاصل في قلة تغطية فئة كبيرة من التلاميذ في أفق تعيين أطر اجتماعية كافية.
العمل على خلق نواد للتتبع والمواكبة النفسية والاجتماعية للتلاميذ.
القيام بحملات تحسيسية وتعريفية بمهام وأدوار المختص الاجتماعي لفئتي الإدارة والمدرسين.
– مطالبة القطاع الوصي بتخصيص ميزانية للدعم الاجتماعي للفئات المعوزة من التلاميذ لمحاربة الهدر المدرسي.
– المطالبة بتعيين أطر صحية مدرسية من أطباء وممرضين ومختصين نفسيين لتتبع الحالات المرضية نفسيا وجسديا والقيام بالتنشئة والتوعية الصحية.
– تطوير البنية التحتية للمؤسسات التعليمية وخلق فضاءات للملحقين الاجتماعيين لممارسة مهامهم وفق الشروط العلمية المطلوبة.
– تعزيز انفتاح المدرسة على محيطها من خلال تعزيز وتطوير الشركات مع مختلف المتدخلين في الشأن التعليمي كجمعيات أباء وأولياء التلاميذ، والجمعيات الرياضية وجمعيات المجتمع المدني والجماعات المحلية…؛ وذلك من خلال العمل على إشراك شركاء المؤسسة في أنشطتها الموجهة لفائدة التلاميذ.
– تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للتلاميذ بما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم ينسجمون بشكل طبيعي في الحياة المدرسية.
– العمل على تغطية النقص الحاصل لدى بعض التلاميذ المتعثرين والمتأخرين دراسيا من خلال خلق مبادرات مع هيئة التدريس للدعم الدراسي.
إن الانهمام الذي يحمله إطار الدعم الاجتماعي المدرسي هو تحقيق النجاح الدراسي للتلميذ، هذا النجاح الذي يرتبط بالعديد من العوامل ذات المصادر المختلفة، منها المتعلقة بالتلميذ ذاته كنسبة الذكاء التي يتمتع بها والقدرات الخاصة لديه، ومنها المتعلقة بالمستوى الثقافي للأبويين والجو الانفعالي والعاطفي السائد في البيت، كما أن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية ومدرسية تساهم بشكل كبير في الفشل أو النجاح الدراسيين. هذا بالإضافة إلى دور النسق القيمي للفرد والجماعة في الأداء المدرسي للتلميذ.
خاتمة:
إن المدرسة المغربية الجديدة كما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين تسعى إلى أن تكون مفتوحة على محيطها، بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن مما يتطلب نسج عالقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي.
ولهذا فأهمية الخدمة الاجتماعية المدرسية تكمن في مساعدة المدرسة على تحقيق وظائفها الاجتماعية باعتبارها وسيلة هامة تساعد على البناء والنماء من خلال الربط بين المدرسة ومحيطها بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع.