العنف الجنسي ضد الأطفال
الكاتبة: الطالبة فاطمة الزهراء حيلات (مسلك حماية الطفولة ومساندة الأسرة).
لقد تنامت في مجتمعنا المغربي ظاهرة الاغتصاب بشكل ملفت، والدليل على ذلك هو ما نراه كل يوم، وهذا النوع من الاغتصاب لا يكون ناتجا عن رغبة جنسية للضحية بل يكون ناتجا عن وجود اختلالات نفسية عند الشخص المغتصب، فالأطفال لا يتوفرون على مؤهلات جسدية ذات إغراء جنسي ومع ذلك يقوم الشخص المريض باغتصاب الطفل يصل فيها إلى تحقيق رعشة جنسية لا علاقة لها بالشهوة الجنسية.
يعد العنف الجنسي ضد الأطفال أحد مظاهر العنف الإجرامي الموجهة ضد الأطفال، وهو ما يضعه في خانة الضحية، والذي يترك انعكاسات نفسية خطيرة ومدمرة لا تندمل جروحها مدى الحياة. ويعرف العنف الجنسي على أنه استدراجٌ للطفل في أنشطة جنسية أو إخضاعه بالقوة. والتي لا يفهم بشأنها وليس مهيأً لها في إطار نموه النفسي والاجتماعي. كما أن هذه الأنشطة الجنسية هي خرقٌ للأخلاق والقوانين والطابوهات الاجتماعية نظراً لسن الطفل وما يلحقه من أضرار.هكذا يمكن للأطفال أن يكونوا ضحايا عنف الجنسي من طرف الراشدين أو أطفال آخرين في نفس السن أو يتجاوزهم سناً. وهؤلاء الفاعلين يمكن أن تجمعهم روابط المسؤولية أو الثقة أو السلطة التي يتمتعون بها على الضحايا. والعنف الجنسي أنواع متعددة تبدأ من الملامسة أو التلذذ المواقعة الكلية إما من الخلف أو من الفرج بالنسبة للإناث أو وضع القضيب في فم الطفل وهو ما ينتج عنه شقوق تورمية. هكذا هو الشأن للمواقعة من الخلف والذي ينتج عنه تمزقٌ في عضلات المخرج وتخثرات دموية وتعفنات في الجهاز التناسلي لكل من الطفل والفتاة. ينضاف إلى هذا استدراج الأطفال في أفلام الخلاعة وصور الأثارة الجنسية عبر الأنترنت وكذلك السياحة الجنسية ثم استعمال الأطفال في الدعارة.
ويمكن الإشارة لأنواع الاغتصاب الجنسي ,فالنوع الأول هو الاغتصاب الجنسي اللحظي وهذا النوع من الاغتصاب الجنسي للطفل ذكرا أو أنثى يكون مقصودا، ولكنه محدود في لحظة معينة، وهذا النوع من الجريمة تكون مرجعياته رغبة عدوانية مكبوتة ترجع إلى غريزة ” التناتوس” أي غريزة الموت كما يسميها التحليل النفسي والتي يحقق فيها المجرم لذة نفسية كما هو الأمر بالنسبة إلى الرغبة الليبيدية المكبوتة التي تنتمي إلى غريزة ” الإيروس “، والتي يحقق فيها الفاعل كذلك رغبة نفسية مكبوتة، إذا الجريمة الجنسية في هذا النوع تختار موضوع إشباعها ويلبي فيها المجرم تلك الرغبة الاستهامية الجنسية العدوانية المكبوتة.
أما النوع الثاني وهو الاغتصاب الجنسي المتكرر وهو نتيجة اختلالات واضطرابات نفسية تخلق لدى الشخص المغتصب بنية نفسية هشة تتكاثر فيها الرغبات اللبيدية والعدوانية المكبوتة وتتكاثر معها الموضوعات الجنسية الاستهامية التي تشكل الإشباع الفعلي لهذه الرغبات اللبيدية العدوانية، تتنوع وتتعدد فيسعى الشخص باستمرار إلى الاغتصاب، وفي هذه الحالة فإن الاغتصاب الجنسي يصل إلى مستواه الأقصى الباثولوجي عندما يتحول عند المجرم إلى عادة سلوكية، فهو حالة مرضية وصلت إلى أقصاها من الاضطراب النفسي، فالاغتصاب يسعى إلى إشباع رغبات جنسية مكبوتة أصبحت تطالب الأنا باستمرار من أجل إشباعها، وفي الوقت نفسه يضطر الأنا للخضوع لهذه الرغبات الانفعالية المكبوتة، فيعدد مواضيع اسيهاماته الجنسية في الأطفال، ونلاحظ أن عملية الاغتصاب تشمل أطفالا متعددين، وهذا التعدد يعكس تعددا آخر يهم المواضيع الجنسية الاستهامية للمغتصب. في هذا الصدد يمكن أن نتساءل هل يمكن أن ندخل شخصية المغتصب ضمن الشخصية المرضية؟ وكيف نسمي هذا المرض سيكولوجيا؟
بالفعل يمكن أن ندخل شخصية المغتصب ضمن الشخصية المرضية من الناحية السيكولوجية وتدخل هذه الباثولوجيا السيكولوجية ضمن ما يسمى "الشذوذ الجنسي الفيتيشي" وضمن ما يسمى أيضا ” البارانونيا ” و” البيدوفيليا “
ولاننسى الحديث عن الآثار النفسية للمغتصبين الأطفال من الذكور والإناث. قد نرى الحياة تستمر بعد كل أزمة تحدث في حياة أي إنسان، إلا أن هذا الاستمرار قد يكون سليما أو قد يكون معوقا حسب درجة الصدمة التي تحدثها الأزمة، وحسب طبيعة شخصية المرء الذي تعرض للأزمة، وحسب طبيعته النفسية.أما بالنسبة للطفل المغتصب ذكرا أو أنثى فحياته تستمر ما بعد الاغتصاب، ولكنه يعيش معاناة قاسية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إعاقة نفسية. إن المغتصب سواء كان ذكرا أو أنثى فهو لا يعيش حياة طبيعية بالرغم من محاولته ذلك، ذلك أن حالة الاغتصاب تبقى عالقة في الذهن لا يمحوها تغير الزمان والمكان، فهي تشكل في وجود القاصر. عالما عدوانيا مغلقا تتخلله حالات وجودية نفسية من الألم والمعاناة، والحسرة، تستحضره الذات في كل لحظات وجودها. لأن الاغتصاب الجنسي هو اعتداء على الكرامة والكبرياء واحتقارا للقيمة الإنسانية، لأن الاغتصاب يتم بالقوة، كمن ينتزع ملكية من صاحبها، وهذا أمر مهين للذات وجرحا للكرامة والكبرياء